{فَذَكّرْ } بعد ما استتب لك الأمر. {إِن نَّفَعَتِ ٱلذّكْرَىٰ } لعل هذه الشرطية إنما جاءت بعد تكرير التذكير وحصول اليأس من البعض لئلا يتعب نفسه ويتلهف عليهم كقوله:
{ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ } [ق: 45] الآية، أو لذم المذكورين واستبعاد تأثير الذكرى فيهم، أو للإشعار بأن التذكير إنما يجب إذا ظن نفعه ولذلك أمر بالإِعراض عمن تولى. {سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَىٰ } سيتعظ وينتفع بها من يخشى الله تعالى بأن يتأمل فيها فيعلم حقيقتها. وهو يتناول العارف والمتردد.
{وَيَتَجَنَّبُهَا } ويتجنب {ٱلذّكْرَىٰ }. {ٱلأَشْقَى} الكافر فإنه أشقى من الفاسق، أو {ٱلأَشْقَى } من الكفرة لتوغله في الكفر.
{ٱلَّذِى يَصْلَى ٱلنَّارَ ٱلْكُبْرَىٰ} نار جهنم فإنه عليه الصلاة والسلام قال
"ناركم هذه جزء من سبعين جزأ من نار جهنم" أو ما في الدرك الأسفل منها. {ثُمَّ لاَ يَمُوتُ فِيهَا } فيستريح. {وَلاَ يَحْيَىٰ } حياة تنفعه.
{قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ } تطهر من الكفر والمعصية، أو تكثر من التقوى من الزكاة، أو تطهر للصلاة أو أدى الزكاة.
{وَذَكَرَ ٱسْمَ رَبّهِ } بقلبه ولسانه {فَصَلَّىٰ } كقوله:
{ أَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ لِذِكْرِي } [طه: 14] ويجوز أن يراد بالذكر تكبيرة التحريم، وقيل {تَزَكَّىٰ } تصدق للفطر {وَذَكَرَ ٱسْمَ رَبّهِ } كبره يوم العيد {فَصَلَّىٰ } صلاته. {بَلْ تُؤْثِرُونَ ٱلْحَيَوٰةَ ٱلدُّنْيَا } فلا تفعلون ما يسعدكم في الآخرة، والخطاب للأشقين على الالتفات أو على إضمار قل، أو للكل فإن السعي للدنيا أكثر في الجملة، وقرأ أبو عمرو بالياء.
{وَٱلآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ } فإن نعيمها ملذ بالذات خالص عن الغوائل لا انقطاع له.
{إِنَّ هَـٰذَا لَفِى ٱلصُّحُفِ ٱلأُولَىٰ} الإِشارة إلى ما سبق من {قَدْ أَفْلَحَ} فإنه جامع أمر الديانة وخلاصة الكتب المنزلة.
{صُحُفِ إِبْرٰهِيمَ وَمُوسَىٰ} بدل من الصحف الأولى.
قال صلى الله عليه وسلم
"من قرأ سورة الأعلى أعطاه الله عشر حسنات بعدد كل حرف أنزله الله على إبراهيم وموسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام" .