مكية وآيها تسع عشرة آية
بسم الله الرحمن الرحيم
{سَبِّحِ ٱسْمَ رَبّكَ ٱلأَعْلَىٰ } نزه اسمه عن إلحاد فيه بالتأويلات الزائغة وإطلاقه على غيره زاعماً أنهما فيه سواء وذكره الأعلى على وجه التعظيم، وقرىء «سبحان ربي الأعلى». وفي الحديث
"لما نزلت {فَسَبّحْ بِٱسْمِ رَبّكَ ٱلْعَظِيمِ } قال عليه الصلاة والسلام اجعلوها في ركوعكم، فلما نزلت {سَبِّحِ ٱسْمَ رَبّكَ ٱلأَعْلَىٰ } قال عليه الصلاة والسلام اجعلوها في سجودكم" وكانوا يقولون في الركوع اللهم لك ركعت وفي السجود اللهم لك سجدت. {ٱلَّذِى خَلَقَ فَسَوَّىٰ } خلق كل شيء فسوى خلقه بأن جعل له ما به يتأتى كماله ويتم معاشه.
{وَٱلَّذِى قَدَّرَ } أي قدر أجناس الأشياء وأنواعها وأشخاصها ومقاديرها وصفاتها وأفعالها وآجالها. {فَهَدَىٰ } فوجهه إلى أفعاله طبعاً واختياراً بخلق الميول والإِلهامات ونصب الدلائل وانزال الآيات.
{وَٱلَّذِى أَخْرَجَ ٱلْمَرْعَىٰ } أنبت ما ترعاه الدواب.
{فَجَعَلَهُ } بعد خضرته. {غُثَاء أَحْوَىٰ } يابساً أسود. وقيل {أَحْوَىٰ } حال من المرعى أي أخرجه {أَحْوَىٰ } أي أسود من شدة خضرته.
{سَنُقْرِئُكَ } على لسان جبريل عليه الصلاة والسلام، أو سنجعلك قارئاً بإلهام القراءة. {فَلاَ تَنسَىٰ } أصلاً من قوة الحفظ مع أنك أمي ليكون ذلك آية أخرى لك مع أن الإِخبار به عما يستقبل ووقوعه كذلك أيضاً من الآيات، وقيل نهي والألف للفاصلة كقوله تعالى
{ ٱلسَّبِيلاْ } [الأحزاب: 67] {إِلاَّ مَا شَاءَ ٱللَّهُ } نسيانه بأن نسخ تلاوته، وقيل أراد به القلة والنذرة. لما روي أنه عليه الصلاة والسلام "أسقط آية في قراءته في الصلاة فحسب أُبيّ أنها نسخت فسأله فقال: نسيتها" أو نفى النسيان رأساً فإن القلة تستعمل للنفي. {إِنَّهُ يَعْلَمُ ٱلْجَهْرَ وَمَا يَخْفَىٰ} ما ظهر من أحوالكم وما بطن، أو جهرك بالقراءة مع جبريل عليه الصلاة والسلام وما دعاك إليه من مخافة النسيان فيعلم ما فيه صلاحكم من ابقاء وإنساء. {وَنُيَسّرُكَ لِلْيُسْرَىٰ } ونعدك لطريقة اليسرى في حفظ الوحي، أو التدين وتوفقك لها ولهذه النكتة قال {نيسرك} لا نيسر لك عطف على {سَنُقْرِئُكَ}، وأنه يعلم اعتراض.