التفاسير

< >
عرض

وَتُحِبُّونَ ٱلْمَالَ حُبّاً جَمّاً
٢٠
كَلاَّ إِذَا دُكَّتِ ٱلأَرْضُ دَكّاً دَكّاً
٢١
وَجَآءَ رَبُّكَ وَٱلْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً
٢٢
وَجِيۤءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ ٱلإِنسَانُ وَأَنَّىٰ لَهُ ٱلذِّكْرَىٰ
٢٣
يَقُولُ يٰلَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي
٢٤
فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ
٢٥
وَلاَ يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ
٢٦
يٰأَيَّتُهَا ٱلنَّفْسُ ٱلْمُطْمَئِنَّةُ
٢٧
ٱرْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً
٢٨
فَٱدْخُلِي فِي عِبَادِي
٢٩
وَٱدْخُلِي جَنَّتِي
٣٠
-الفجر

انوار التنزيل واسرار التأويل

{ وَتُحِبُّونَ ٱلْمَالَ حُبّاً جَمّاً } كثيراً مع حرص وشره، وقرأ أبو عمرو وسهل ويعقوب «لا يكرمون» إلى «ويحبون» بالياء والباقون بالتاء.

{ كَلاَّ } ردع لهم عن ذلك وإنكار لفعلهم وما بعده وعيد عليه. { إِذَا دُكَّتِ ٱلأَرْضُ دَكّاً دَكّاً } أي دكا بعد دك حتى صارت منخفضة الجبال والتلال، أو { هَبَاء مُّنبَثّاً }

[الواقعة: 6] { وَجَاء رَبُّكَ } أي ظهرت آيات قدرته وآثار قهره مثل ذلك بما يظهر عند حضور السلطان من آثار هيبته وسياسته. { وَٱلْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً } بحسب منازلهم ومراتبهم.

{ وَجِىء يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ } كقوله تعالى: { وَبُرّزَتِ ٱلْجَحِيمُ } [الشعراء: 91] وفي الحديث "يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها" { يَوْمَئِذٍ } بدل من إذا دكت الأرض والعامل فيهما. { يَتَذَكَّرُ ٱلإِنسَـٰنُ } أي يتذكر معاصيه أو يتعظ لأنه يعلم قبحها فيندم عليها. { وَأَنَّىٰ لَهُ ٱلذّكْرَىٰ } أي منفعة الذكرى لئلا يناقض ما قبله، واستدل به على عدم وجوب قبول التوبة، فإن هذا التذكر توبة غير مقبولة.

{ يَقُولُ يٰلَيْتَنِى قَدَّمْتُ لِحَيَاتِى } أي لحياتي هذه، أو وقت حياتي في الدنيا أعمالاً صالحة، وليس في هذا التمني دلالة على استقلال العبد بفعله فإن المحجور عن شيء قد يتمنى أن كان ممكناً منه.

{ فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُعَذّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ وَلاَ يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ } الهاء لله أي لا يتولى عذاب الله ووثاقه يوم القيامة سواه إذ الأمر كله له، أو للإنسان أي لا يعذب أحد من الزبانية مثل ما يعذبونه، وقرأهما الكسائي ويعقوب على بناء المفعول.

{ يٰأَيَّتُهَا ٱلنَّفْسُ ٱلْمُطْمَئِنَّةُ } على إرادة القول وهي التي اطمأنت بذكر الله، فإن النفس تترقى في سلسلة الأسباب والمسببات إلى الواجب لذاته فتستفز دون معرفته وتستغني به عن غيره، أو إلى الحق بحيث لا يريبها شك أو الآمنة التي لا يستفزها خوف ولا حزن، وقد قرىء بهما.

{ ٱرْجِعِى إِلَىٰ رَبّكِ } إلى أمره أو موعده بالموت، ويشعر ذلك بقول من قال: كانت النفوس قبل الأبدان موجودة في عالم القدس أو البعث، { رَّاضِيَةً } بما أوتيت. { مَّرْضِيَّةً } عند الله تعالى.

{ فَٱدْخُلِى فِى عِبَادِى } في جملة عبادي الصالحين.

{ وَٱدْخُلِى جَنَّتِى } معهم أو في زمرة المقربين فتستضيء بنورهم، فإن الجواهر القدسية كالمرايا المتقابلة، أو ادخلي في أجساد عبادي التي فارقت عنها، وادخلي دار ثوابي التي أعدت لك.

عن النبي صلى الله عليه وسلم " من قرأ سورة الفجر في الليالي العشر غفر له، ومن قرأها في سائر الأيام كانت له نوراً يوم القيامة" .