التفاسير

< >
عرض

لاَ أُقْسِمُ بِهَـٰذَا ٱلْبَلَدِ
١
وَأَنتَ حِلٌّ بِهَـٰذَا ٱلْبَلَدِ
٢
وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ
٣
لَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ فِي كَبَدٍ
٤
أَيَحْسَبُ أَن لَّن يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ
٥
يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالاً لُّبَداً
٦
أَيَحْسَبُ أَن لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ
٧
أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ
٨
وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ
٩
-البلد

انوار التنزيل واسرار التأويل

مكية وآيها عشرون آية

بسم الله الرحمن الرحيم

{ لاَ أُقْسِمُ بِهَـٰذَا ٱلْبَلَدِ وَأَنتَ حِلٌّ بِهَـٰذَا ٱلْبَلَدِ } أقسم سبحانه بالبلد الحرام وقيده بحلول الرسول عليه الصلاة والسلام فيه إظهاراً لمزيد فضله، وإشعاراً بأن شرف المكان بشرف أهله. وقيل { حِلٌّ } مستحل تعرضك فيه كما يستحل تعرض الصيد في غيره، أو حلال لك أن تفعل فيه ما تريد ساعة من النهار فهو وعد بما أحل له عام الفتح.

{ وَوَالِدٍ } عطف على { هَـٰذَا ٱلْبَلَدَ } والوالد آدم أو إبراهيم عليهما الصلاة والسلام. { وَمَا وَلَدَ } ذريته أو محمد عليه الصلاة والسلام، والتنكير للتعظيم وإيثار ما على من لمعنى التعجب كما في قوله { { وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ }

[آل عمران: 36] { لَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَـٰنَ فِى كَبَدٍ } تعب ومشقة من كبد الرجل كبداً إذا وجعت كبده ومنه المكابدة، والإِنسان لا يزال في شدائد مبدؤها ظلمة الرحم ومضيقه ومنتهاها الموت وما بعده، وهو تسلية للرسول عليه الصلاة والسلام مما كان يكابده من قريش والضمير في { أَيَحْسَبُ } لبعضهم الذي كان يكابد من أكثر، أو يفتر بقوته كأبي الأشد بن كلدة فإنه كان يبسط تحت قدميه أديم عكاظي ويجذبه عشرة فينقطع ولا تزال قدماه، أو لكل أحد منهم أو للإنسان. { أَن لَّن يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ } فينتقم منه.

{ يِقُولُ } أي في ذلك الوقت { أَهْلَكْتُ مَالاً لُّبَداً } كثيراً، من تلبد الشيء إذا اجتمع، والمراد ما أنفقه سمعة ومفاخرة، أو معاداة للرسول عليه الصلاة والسلام.

{ أَيَحْسَبُ أَن لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ } حين كان ينفق أو بعد ذلك فيسأله عنه، يعني أن الله سبحانه وتعالى يراه فيجازيه، أو يجده فيحاسبه عليه ثم بين ذلك بقوله:

{ أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ } يبصر بهما.

{ وَلِسَاناً } يترجم به عن ضميره. { وَشَفَتَيْنِ } يستر بهما فاه ويستعين بهما على النطق والأكل والشرب وغيرها.