التفاسير

< >
عرض

وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً وَٱجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ
٨٧
-يونس

تفسير القرآن العظيم

يذكر تعالى سبب إنجائه بني إسرائيل من فرعون وقومه، وكيفية خلاصهم منهم، وذلك أن الله تعالى أمر موسى وأخاه هارون عليهما السلام أن يتبوأا أي: يتخذا لقومهما بمصر بيوتاً، واختلف المفسرون في معنى قوله تعالى: { وَٱجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً } فقال الثوري وغيره عن خصيف عن عكرمة عن ابن عباس: { وَٱجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً } قال: أمروا أن يتخذوها مساجد، وقال الثوري أيضاً عن ابن منصور عن إبراهيم: { وَٱجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً } قال: كانوا خائفين، فأمروا أن يصلوا في بيوتهم، وكذا قال مجاهد وأبو مالك والربيع بن أنس والضحاك وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وأبوه زيد بن أسلم، وكأن هذا والله أعلم لما اشتد بهم البلاء من قبل فرعون وقومه، وضيقوا عليهم، أمروا بكثرة الصلاة؛ كقوله تعالى: { { يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱسْتَعِينُواْ بِٱلصَّبْرِ وَٱلصَّلَوٰةِ } [البقرة: 153] وفي الحديث: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر، صلى، أخرجه أبو داود، ولهذا قال تعالى في هذه الآية: { وَٱجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } أي: بالثواب والنصر القريب، وقال العوفي عن ابن عباس في تفسير هذه الآية قال: قالت بنو إسرائيل لموسى عليه السلام: لا نستطيع أن نظهر صلاتنا مع الفراعنة، فأذن الله لهم أن يصلوا في بيوتهم، وأمروا أن يجعلوا بيوتهم قبل القبلة، وقال مجاهد: { وَٱجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً } لما خاف بنو إسرائيل من فرعون أن يقتلوا في الكنائس الجامعة، أمروا أن يجعلوا بيوتهم مساجد مستقبلة الكعبة يصلون فيها سراً، وكذا قال قتادة والضحاك. وقال سعيد بن جبير: { وَٱجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً } أي: يقابل بعضها بعضاً.