التفاسير

< >
عرض

ويْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ
١
ٱلَّذِى جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ
٢
يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ
٣
كَلاَّ لَيُنبَذَنَّ فِي ٱلْحُطَمَةِ
٤
وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلْحُطَمَةُ
٥
نَارُ ٱللَّهِ ٱلْمُوقَدَةُ
٦
ٱلَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى ٱلأَفْئِدَةِ
٧
إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ
٨
فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةِ
٩
-الهمزة

تفسير القرآن العظيم

الهماز بالقول، واللماز بالفعل، يعني: يزدري الناس، وينتقص بهم، وقد تقدم بيان ذلك في قوله تعالى: { { هَمَّازٍ مَّشَّآءِ بِنَمِيمٍ } [القلم: 11] قال ابن عباس: همزة لمزة: طعان معياب. وقال الربيع بن أنس: الهمزة يهمزه في وجهه، واللمزة من خلفه. وقال قتادة: الهمزة واللمزة لسانه وعينه، ويأكل لحوم الناس، ويطعن عليهم. وقال مجاهد: الهمزة باليدين والعين، واللمزة باللسان. وهكذا قال ابن زيد. وقال مالك عن زيد بن أسلم: همزة لحوم الناس، ثم قال بعضهم: المراد بذلك الأخنس بن شريق، وقيل غيره. وقال مجاهد: هي عامة. وقوله تعالى: { ٱلَّذِى جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ } أي: جمعه بعضه على بعض، وأحصى عدده؛ كقوله تعالى: { { وَجَمَعَ فَأَوْعَىٰ } [المعارج: 18] قاله السدي وابن جرير، وقال محمد بن كعب في قوله: { جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ }: ألهاه ماله بالنهار هذا إلى هذا، فإذا كان الليل، نام كأنه جيفة منتنة.

وقوله تعالى: { يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ } أي: يظن أن جمعه المال يخلده في هذه الدار { كَلاَّ } أي: ليس الأمر كما زعم، ولا كما حسب. ثم قال تعالى: { لَيُنبَذَنَّ فِى ٱلْحُطَمَةِ } أي: ليلقين هذا الذي جمع مالاً فعدده في الحطمة، وهي اسم صفة من أسماء النار؛ لأنها تحطم من فيها، ولهذا قال: { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلْحُطَمَةُ نَارُ ٱللَّهِ ٱلْمُوقَدَةُ ٱلَّتِى تَطَّلِعُ عَلَى ٱلأَفْئِدَةِ } قال ثابت البناني: تحرقهم إلى الأفئدة وهم أحياء، ثم يقول: لقد بلغ منهم العذاب، ثم يبكي، قال محمد بن كعب: تأكل كل شيء من جسده، حتى إذا بلغت فؤاده حذو حلقه، ترجع على جسده.

وقوله تعالى: { إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ } أي: مطبقة؛ كما تقدم تفسيره في سورة البلد. وقال ابن مردويه: حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا علي بن سراج، حدثنا عثمان بن خرزاذ، حدثنا شجاع بن أشرس، حدثنا شريك عن عاصم عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: { إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ } قال: "مطبقة" وقد رواه أبو بكر بن أبي شيبة عن عبد الله بن أسيد عن إسماعيل بن خالد عن أبي صالح قوله، ولم يرفعه. وقوله تعالى: { فِى عَمَدٍ مُّمَدَّدَةِ } قال عطية العوفي: عمد من حديد، وقال السدي: من نار،وقال شبيب بن بشر عن عكرمة عن ابن عباس: { فِى عَمَدٍ مُّمَدَّدَةِ } يعني: الأبواب هي الممددة، وقال قتادة في قراءة عبد الله بن مسعود: (إنها عليهم مؤصدة بعمد ممددة) وقال العوفي عن ابن عباس: أدخلهم في عمد ممددة عليهم بعماد، في أعناقهم السلاسل، فسدت بها الأبواب. وقال قتادة: كنا نحدث أنهم يعذبون بعمد في النار، واختاره ابن جرير، وقال أبو صالح: { فِى عَمَدٍ مُّمَدَّدَةِ } يعني القيود الثقال.

آخر تفسير سورة ويل لكل همزة لمزة، ولله الحمد والمنة.