التفاسير

< >
عرض

قَالُواْ يٰهُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِيۤ آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ
٥٣
إِن نَّقُولُ إِلاَّ ٱعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوۤءٍ قَالَ إِنِّيۤ أُشْهِدُ ٱللَّهَ وَٱشْهَدُوۤاْ أَنِّي بَرِيۤءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ
٥٤
مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ
٥٥
إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى ٱللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَآ إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ
٥٦
-هود

تفسير القرآن العظيم

يخبر تعالى أنهم قالوا لنبيهم: { مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ }، أي: بحجة وبرهان على ما تدعيه { وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِىۤ ءالِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ } أي: بمجرد قولك: اتركوهم، نتركهم { وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ } بمصدقين { إِن نَّقُولُ إِلاَّ ٱعْتَرَاكَ بَعْضُ ءَالِهَتِنَا بِسُوۤءٍ } يقولون: ما نظن إلا أن بعض الآلهة أصابك بجنون وخبل في عقلك؛ بسبب نهيك عن عبادتها، وعيبك لها { قَالَ إِنِّىۤ أُشْهِدُ ٱللَّهِ وَٱشْهَدُوۤاْ أَنِّى بَرِىۤءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ } يقول: إني بريء من جميع الأنداد والأصنام { فَكِيدُونِى جَمِيعًا } أي: أنتم وآلهتكم إن كانت حقاً { ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ } أي: طرفة عين. وقوله: { إِنِّى تَوَكَّلْتُ عَلَى ٱللَّهِ رَبِّى وَرَبِّكُمْ مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ ءاخِذٌ بِنَاصِيَتِهَآ } أي: تحت قهره وسلطانه، وهو الحاكم العادل الذي لا يجور في حكمه، فإنه على صراط مستقيم. قال الوليد بن مسلم: عن صفوان بن عمرو عن أيفع بن عبد الكلاعي أنه قال في قوله تعالى: { مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ ءاخِذٌ بِنَاصِيَتِهَآ إِنَّ رَبِّى عَلَىٰ صِرَٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ } قال: فيأخذ بنواصي عباده، فيلقن المؤمن حتى يكون له أشفق من الوالد لولده، ويُقال للكافر: { مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلْكَرِيمِ } [الانفطار: 6] وقد تضمن هذا المقام حجة بالغة ودلالة قاطعة على صدق ما جاءهم به، وبطلان ما هم عليه من عبادة الأصنام التي لا تنفع ولا تضر، بل هي جماد لا تسمع ولاتبصر، ولا توالي ولا تعادي، وإنما يستحق إخلاصَ العبادة الله وحده لا شريك له، الذي بيده الملك وله التصرف، وما من شيء إلا تحت ملكه وقهره وسلطانه، فلا إله إلا هو، ولا رب سواه.