التفاسير

< >
عرض

كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِيۤ أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهَآ أُمَمٌ لِّتَتْلُوَاْ عَلَيْهِمُ ٱلَّذِيۤ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِٱلرَّحْمَـٰنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ
٣٠
-الرعد

تفسير القرآن العظيم

يقول تعالى: وكما أرسلناك يا محمد في هذه الأمة { لِّتَتْلُوَاْ عَلَيْهِمُ ٱلَّذِىۤ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ } أي: تبلغهم رسالة الله إليهم، كذلك أرسلنا في الأمم الماضية الكافرة بالله، وقد كذب الرسل من قبلك فلك فيهم أسوة، وكما أوقعنا بأسنا ونقمتنا بأولئك، فليحذر هؤلاء من حلول النقم بهم، فإن تكذيبهم لك أشد من تكذيب غيرك من المرسلين، قال الله تعالى: { { تَٱللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَآ إِلَىٰ أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ } [النحل: 63] الآية، وقال تعالى: { { وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَىٰ مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّىٰ أَتَـٰهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَـٰتِ ٱللَّهِ وَلَقدْ جَآءَكَ مِن نَّبَإِ ٱلْمُرْسَلِينَ } [الأنعام: 34] أي: كيف نصرناهم، وجعلنا العاقبة لهم ولأتباعهم في الدنيا والآخرة.

وقوله: { وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِٱلرَّحْمَـٰنِ } أي: هذه الأمة التي بعثناك فيهم، يكفرون بالرحمن، لا يقرون به؛ لأنهم كانوا يأنفون من وصف الله بالرحمن الرحيم، ولهذا أنفوا يوم الحديبية أن يكتبوا: بسم الله الرحمن الرحيم، وقالوا: ما ندري ما الرحمن الرحيم؟ قاله قتادة، والحديث في صحيح البخاري. وقد قال الله تعالى: { { قُلِ ٱدْعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدْعُواْ ٱلرَّحْمَـٰنَ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ ٱلأَسْمَآءَ ٱلْحُسْنَىٰ } [الإسراء: 110]. وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن أحب الأسماء إلى الله تعالى عبد الله وعبد الرحمن" { قُلْ هُوَ رَبِّى لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } أي: هذا الذي تكفرون به، أنا مؤمن به معترف، مقر له بالربوبية والألوهية، هو ربي لا إله إلا هو { عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ } أي: في جميع أموري، { وَإِلَيْهِ مَتَابِ } أي: إليه أرجع وأنيب، فإنه لا يستحق ذلك أحد سواه.