التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ ٱلظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ ٱلأَبْصَارُ
٤٢
مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَآءٌ
٤٣
-إبراهيم

تفسير القرآن العظيم

يقول تعالى: ولا تحسبن الله يا محمد غافلاً عما يعمل الظالمون، أي: لا تحسبنه إذا أنظرهم وأجلهم أنه غافل عنهم، مهمل لهم لا يعاقبهم على صنعهم، بل هو يحصي ذلك عليهم، ويعده عليهم عداً { إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ ٱلأَبْصَـٰرُ } أي: من شدة الأهوال يوم القيامة، ثم ذكر تعالى كيفية قيامهم من قبورهم وعجلتهم إلى قيام المحشر، فقال: { مُهْطِعِينَ } أي: مسرعين؛ كما قال تعالى: { { مُّهْطِعِينَ إِلَى ٱلدَّاعِ } [القمر: 8] الآية، وقال تعالى: { { يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ ٱلدَّاعِىَ لاَ عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ ٱلأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَـٰنِ فَلاَ تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْساً يَوْمَئِذٍ لاَّ تَنفَعُ ٱلشَّفَاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ وَرَضِىَ لَهُ قَوْلاً يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً وَعَنَتِ ٱلْوُجُوهُ لِلْحَىِّ ٱلْقَيُّومِ } [طه:108-111]، وقال تعالى: { { يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ ٱلأَجْدَاثِ سِرَاعاً } [المعارج: 43] الآية. وقوله: { مُقْنِعِى رُءُوسِهِمْ } قال ابن عباس ومجاهد وغير واحد: رافعي رؤوسهم { لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ } أي: أبصارهم ظاهرة شاخصة مديمون النظر، لا يطرفون لحظة؛ لكثرة ما هم فيه من الهول والفكرة والمخافة لما يحل بهم، عياذاً بالله العظيم من ذلك، ولهذا قال: { وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَآءٌ } أي: وقلوبهم خاوية خالية ليس فيها شيء؛ لكثرة الوجل والخوف، ولهذا قال قتادة وجماعة: إن أمكنة أفئدتهم خالية؛ لأن القلوب لدى الحناجر، قد خرجت من أماكنها من شدة الخوف. وقال بعضهم: هي خراب لا تعي شيئاً؛ لشدة ما أخبر به تعالى عنهم، ثم قال تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: