يقول تعالى: { وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ ٱلْيَتِيمِ إِلاَّ بِٱلَّتِى هِىَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ } أي: لا تتصرفوا في مال اليتيم إلا بالغبطة { وَلاَ تَأْكُلُوهَآ إِسْرَافاً وَبِدَاراً أَن يَكْبَرُواْ وَمَن كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِٱلْمَعْرُوفِ } وقد جاء في "صحيح مسلم": أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي ذر:
"يا أبا ذر إني أراك ضعيفاً، وإني أحب لك ما أحب لنفسي؛ لا تأمرن على اثنين، ولا تولين مال اليتيم" وقوله: { وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ } أي: الذي تعاهدون عليه الناس، والعقود التي تعاملونهم بها، فإن العهد والعقد كل منهما يسأل صاحبه عنه { إِنَّ ٱلْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً } أي: عنه. وقوله: { وَأَوْفُوا ٱلْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ } أي: من غير تطفيف، ولا تبخسوا الناس أشياءهم، { وَزِنُواْ بِٱلقِسْطَاسِ } قرىء بضم القاف وكسرها، كالقرطاس، وهو الميزان. وقال مجاهد: هو العدل بالرومية. وقوله: { ٱلْمُسْتَقِيمِ } أي: الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف ولا اضطراب { ذٰلِكَ خَيْرٌ } أي: لكم في معاشكم ومعادكم، ولهذا قال: { وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً } أي: مآلاً ومنقلباً في آخرتكم، قال سعيد عن قتادة: { ذٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً } أي: خير ثواباً وأحسن عاقبة. وابن عباس كان يقول: يا معشر الموالي إنكم وليتم أمرين بهما هلك الناس قبلكم، هذا المكيال، وهذا الميزان، قال: وذكر لنا أن نبي الله عليه الصلاة والسلام كان يقول:
"لا يقدر رجل على حرام، ثم يدعه ليس به إلا مخافة الله، إلا أبدله الله به في عاجل الدنيا قبل الآخرة ما هو خير له من ذلك" .