التفاسير

< >
عرض

وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطاً إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ
٧١
وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلاًّ جَعَلْنَا صَالِحِينَ
٧٢
وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِمْ فِعْلَ ٱلْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ ٱلصَّلاَة وَإِيتَآءَ ٱلزَّكَـاةِ وَكَانُواْ لَنَا عَابِدِينَ
٧٣
وَلُوطاً آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ ٱلْقَرْيَةِ ٱلَّتِي كَانَت تَّعْمَلُ ٱلْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ
٧٤
وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَآ إِنَّهُ مِنَ ٱلصَّالِحِينَ
٧٥
-الأنبياء

تفسير القرآن العظيم

يقول تعالى مخبراً عن إبراهيم: أنه سلمه الله من نار قومه، وأخرجه من بين أظهرهم مهاجراً إلى بلاد الشام، إلى الأرض المقدسة منها. كما قال الربيع بن أنس عن أبي العالية، عن أبي بن كعب في قوله: { إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِى بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَـٰلَمِينَ } قال: الشام، وما من ماء عذب إلا يخرج من تحت الصخرة، وكذا قال أبو العالية أيضاً. وقال قتادة: كان بأرض العراق، فأنجاه الله إلى الشام، وكان يقال للشام: عماد دار الهجرة، وما نقص من الأراضي زيد في الشام، وما نقص من الشام زيد في فلسطين، وكان يقال: هي أرض المحشر والمنشر، وبها ينزل عيسى بن مريم عليه السلام، وبها يهلك المسيح الدجال.

وقال كعب الأحبار في قوله: { إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِى بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَـٰلَمِينَ }: إلى حران. وقال السدي: انطلق إبراهيم ولوط قبل الشام، فلقي إبراهيم سارة، وهي ابنة ملك حران، وقد طعنت على قومها في دينهم، فتزوجها على أن لا يغيرها، رواه ابن جرير، وهو غريب، والمشهور أنها ابنة عمه، وأنه خرج بها مهاجراً من بلاده. وقال العوفي عن ابن عباس: إلى مكة، ألا تسمع إلى قوله: { { إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِى بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَـٰلَمِينَ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً } [آل عمران: 96 ــــ 97].

وقوله: { وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَـٰقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً } قال عطاء ومجاهد وعطية، وقال ابن عباس وقتادة والحكم بن عيينة: النافلة: ولد الولد، يعني: أن يعقوب ولد إسحاق؛ كما قال: { { فَبَشَّرْنَـٰهَا بِإِسْحَـٰقَ وَمِن وَرَآءِ إِسْحَـٰقَ يَعْقُوبَ } [هود: 71]. وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: سأل واحداً، فقال: { { رَبِّ هَبْ لِى مِنَ ٱلصَّـٰلِحِينِ } [الصافات: 100] فأعطاه الله إسحاق، وزاده يعقوب نافلة، { وَكُلاًّ جَعَلْنَا صَـٰلِحِينَ } أي: الجميع أهل خير وصلاح، { وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً } أي: يقتدى بهم، { يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا } أي: يدعون إلى الله بإذنه، ولهذا قال: { وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِمْ فِعْلَ ٱلْخَيْرَٰتِ وَإِقَامَ ٱلصَّلوٰة وَإِيتَآءَ ٱلزَّكَـوٰةِ } من باب عطف الخاص على العام، { وَكَانُواْ لَنَا عَـٰبِدِينَ } أي: فاعلين لما يأمرون الناس به، ثم عطف بذكر لوط، وهو لوط بن هاران بن آزر. كان قد آمن بإبراهيم عليه السلام، واتبعه، وهاجر معه؛ كما قال تعالى: { { فَـآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّى مُهَاجِرٌ إِلَىٰ رَبِّىۤ } [العنكبوت: 26] فآتاه الله حكماً وعلماً، وأوحى إليه، وجعله نبياً، وبعثه إلى سدوم وأعمالها، فخالفوه وكذبوه، فأهلكهم الله ودمر عليهم، كما قص خبرهم في غير موضع من كتابه العزيز، ولهذا قال: { وَنَجَّيْنَـٰهُ مِنَ ٱلْقَرْيَةِ ٱلَّتِى كَانَت تَّعْمَلُ ٱلْخَبَـٰئِثَ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْمَ سَوْءٍ فَـٰسِقِينَ وَأَدْخَلْنَـٰهُ فِى رَحْمَتِنَآ إِنَّهُ مِنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ }.