يقول تعالى مخبراً عن الكفار أنهم لا يزالون في مرية، أي: في شك من هذا القرآن، قاله ابن جريج، واختاره ابن جرير. وقال سعيد بن جبير وابن زيد: منه، أي: مما ألقى الشيطان، { حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ ٱلسَّاعَةُ بَغْتَةً } قال مجاهد: فجأة، وقال قتادة: { بَغْتَةً } بغت القوم أمر الله، وما أخذ الله قوماً قط إلا عند سكرتهم وغرتهم ونعمتهم، فلا تغتروا بالله، إنه لايغتر بالله إلا القوم الفاسقون. وقوله: { أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ } قال مجاهد: قال أبي بن كعب: هو يوم بدر، وكذا قال مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير وقتادة وغير واحد، واختاره ابن جرير. قال عكرمة ومجاهد في رواية عنهما: هو يوم القيامة، لا ليل له، وكذا قال الضحاك والحسن البصري، وهذا القول هو الصحيح، وإن كان يوم بدر من جملة ما أوعدوا به، لكن هذا هو المراد، ولهذا قال: { ٱلْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ للَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ } كقوله:
{ { مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ } [الفاتحة: 4]. وقوله: { { ٱلْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ ٱلْحَقُّ لِلرَّحْمَـٰنِ وَكَانَ يَوْماً عَلَى ٱلْكَـٰفِرِينَ عَسِيراً } [الفرقان: 26]. { فَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ } أي: آمنت قلوبهم، وصدقوا بالله ورسوله، وعملوا بمقتضى ما علموا، وتوافق قلوبهم وأقوالهم وأعمالهم { فِي جَنَّـٰتِ ٱلنَّعِيمِ } أي: لهم النعيم المقيم الذي لا يحول ولا يزول ولا يبيد { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِـآيـٰتِنَا } أي: كفرت قلوبهم بالحق، وجحدوا به، وكذبوا به، وخالفوا الرسل، واستكبروا عن اتباعهم { فَأُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ } أي: مقابلة استكبارهم وإعراضهم عن الحق؛ كقوله تعالى:
{ { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِى سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ } [غافر: 60] أي: صاغرين.