التفاسير

< >
عرض

مَا ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَـهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَـٰهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ سُبْحَانَ ٱللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ
٩١
عَالِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ فَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ
٩٢
-المؤمنون

تفسير القرآن العظيم

ينزه تعالى نفسه عن أن يكون له ولد أو شريك في الملك والتصرف والعبادة، فقال تعال: { مَا ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَـهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَـٰهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ } أي: لو قدر تعدد الآلهة، لانفرد كل منهم بما خلق، فما كان ينتظم الوجود، والمشاهد أن الوجود منتظم متسق، كل من العالم العلوي والسفلي مرتبط بعضه ببعض في غاية الكمال، { { مَّا تَرَىٰ فِى خَلْقِ ٱلرَّحْمَـٰنِ مِن تَفَٰوُتٍ } [الملك: 3] ثم لكان كل منهم يطلب قهر الآخر وخلافه، فيعلو بعضهم على بعض. والمتكلمون ذكروا هذا المعنى، وعبروا عنه بدليل التمانع، وهو أنه لو فرض صانعان فصاعداً، فأراد واحد تحريك جسم، والآخر أراد سكونه، فإن لم يحصل مراد كل واحد منهما، كانا عاجزين، والواجب لا يكون عاجزاً، ويمتنع اجتماع مراديهما للتضاد، وما جاء هذا المحال إلا من فرض التعدد، فيكون محالاً، فأما إن حصل مراد أحدهما دون الآخر، كان الغالب هو الواجب، والآخر المغلوب ممكناً؛ لأنه لا يليق بصفة الواجب أن يكون مقهوراً، ولهذا قال تعالى: { وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ سُبْحَـٰنَ ٱللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ } أي: عما يقول الظالمون المعتدون في دعواهم الولد أو الشريك علواً كبيراً، { عَـٰلِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَـٰدَةِ } أي: يعلم ما يغيب عن المخلوقات، وما يشاهدونه { فَتَعَـٰلَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ } أي: تقدس وتنزه وتعالى وعز وجل عما يقول الظالمون والجاحدون.