التفاسير

< >
عرض

كَذَّبَ أَصْحَابُ لْئَيْكَةِ ٱلْمُرْسَلِينَ
١٧٦
إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلاَ تَتَّقُونَ
١٧٧
إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ
١٧٨
فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ
١٧٩
وَمَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَىٰ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ
١٨٠
-الشعراء

تفسير القرآن العظيم

هؤلاء ــــ يعني: أصحاب الأيكة ــــ هم أهل مدين على الصحيح، وكان نبي الله شعيب من أنفسهم، وإنما لم يقل ههنا: أخوهم شعيب؛ لأنهم نسبوا إلى عبادة الأيكة، وهي شجرة، وقيل شجر ملتف كالغيضة كانوا يعبدونها، فلهذا لما قال: كذب أصحاب الآيكة المرسلين، لم يقل: إذ قال لهم أخوهم شعيب، وإنما قال: { إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ } فقطع نسب الأخوة بينهم؛ للمعنى الذي نسبوا إليه، وإن كان أخاهم نسباً. ومن الناس من لم يفطن لهذه النكتة، فظن أن أصحاب الآيكة غير أهل مدين، فزعم أن شعيباً عليه السلام بعثه الله إلى أمتين، ومنهم من قال: ثلاث أمم. وقد روى إسحاق بن بشر الكاهلي ــــ وهو ضعيف ــــ حدثني ابن السدي عن أبيه، وزكريا بن عمر عن خصيف عن عكرمة، قالا: ما بعث الله نبياً مرتين إلا شعيباً، مرة إلى مدين فأخذهم الله بالصيحة، ومرة إلى أصحاب الآيكة، فأخذهم الله تعالى بعذاب يوم الظلة، وروى أبو القاسم البغوي عن هدبة عن همام عن قتادة في قوله تعالى: { { وَأَصْحَـٰبُ ٱلرَّسِّ } [الفرقان: 38]: قوم شعيب.

وقوله: { { وَأَصْحَـٰبُ ٱلأَيْكَةِ } [ق: 14]:قوم شعيب، وقاله إسحاق بن بشر. وقال غير جويبر: أصحاب الأيكة ومدين هما واحد، والله أعلم.

وقد روى الحافظ ابن عساكر في ترجمة شعيب من طريق محمد بن عثمان بن أبي شيبة، عن أبيه عن معاوية بن هشام عن هشام بن سعد، عن سعيد بن أبي هلال عن ربيعة بن سيف عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن قوم مدين وأصحاب الأيكة أمتان، بعث الله إليهما شعيباً النبي عليه السلام" وهذا غريب، وفي رفعه نظر، والأشبه أن يكون موقوفاً، والصحيح أنهم أمة واحدة، وصفوا في كل مقام بشيء، ولهذا وعظ هؤلاء، وأمرهم بوفاء المكيال والميزان، كما في قصة مدين سواء بسواء، فدل ذلك على أنهما أمة واحدة.