يقول تعالى مخبراً عن تمادي المشركين في غيهم وضلالهم، وعدم اكتراثهم بذنوبهم التي أسلفوها، وما يستقبلون بين أيديهم يوم القيامة: { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّقُواْ مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ } قال مجاهد: من الذنوب، وقال غيره: بالعكس، { لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } أي: لعل الله باتقائكم ذلك يرحمكم ويؤمنكم من عذابه، وتقدير الكلام: أنهم لا يجيبون إلى ذلك، بل يعرضون عنه، واكتفى عن ذلك بقوله تعالى: { وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ ءَايَةٍ مِّنْ ءَايَـٰتِ رَبِّهِمْ } أي: على التوحيد وصدق الرسل { إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ } أي: لا يتأملونها ولا يقبلونها ولا ينتفعون بها.
وقوله عز وجل: { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللهُ } أي: إذا أمروا بالإنفاق مما رزقهم الله على الفقراء والمحاويج من المسلمين، { قَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ ءَامَنُوۤاْ } أي: عن الذين آمنوا من الفقراء، أي: قالوا لمن أمرهم من المؤمنين بالإنفاق محاجين لهم فيما أمروهم به: { أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَآءُ ٱللَّهُ أَطْعَمَهُ } أي: هؤلاء الذين أمرتمونا بالإنفاق عليهم، لو شاء الله لأغناهم ولأطعمهم من رزقه، فنحن نوافق مشيئة الله تعالى فيهم، { إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } أي: في أمركم لنا بذلك. قال ابن جرير: ويحتمل أن يكون من قول الله عز وجل للكفار حين ناظروا المؤمنين، وردوا عليهم، فقال لهم: { إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } وفي هذا نظر، والله أعلم.