التفاسير

< >
عرض

ٱللَّهُ خَالِقُ كُـلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ
٦٢
لَّهُ مَقَالِيدُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِـآيَاتِ ٱللَّهِ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ
٦٣
قُلْ أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ تَأْمُرُونِّيۤ أَعْبُدُ أَيُّهَا ٱلْجَاهِلُونَ
٦٤
وَلَقَدْ أُوْحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ
٦٥
بَلِ ٱللَّهَ فَٱعْبُدْ وَكُن مِّنَ ٱلشَّاكِرِينَ
٦٦
-الزمر

تفسير القرآن العظيم

يخبر تعالى أنه خالق الأشياء كلها، وربها ومليكها، والمتصرف فيها، وكل تحت تدبيره وقهره وكلاءته، وقوله عز وجل: { لَّهُ مَقَالِيدُ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } قال مجاهد: المقاليد: هي المفاتيح بالفارسية، وكذا قال قتادة وابن زيد وسفيان بن عيينه، وقال السدي: { لَّهُ مَقَالِيدُ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } أي: خزائن السموات والأرض، والمعنى على كلا القولين أن أزمة الأمور بيده تبارك وتعالى، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، ولهذا قال جل وعلا: { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِـآيَـٰتِ ٱللَّهِ } أي: حججه وبراهينه { أُولَـٰۤئِكَ هُمُ ٱلْخَـٰسِرُونَ }. وقد روى ابن أبي حاتم ههنا حديثا غريباً جداً، وفي صحته نظر، ولكن نحن نذكره كما ذكره؛ فإنه قال: حدثنا يزيد بن سنان البصري بمصر، حدثنا يحيى بن حماد، حدثنا الأغلب بن تميم عن مخلد بن هذيل العبدي عن عبدالرحمن المدني عن عبد الله بن عمر عن عثمان بن عفان رضي الله عنه: أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تفسير قوله تعالى: { لَّهُ مَقَالِيدُ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } فقال: "ما سألني عنها أحد قبلك يا عثمان" قال صلى الله عليه وسلم "تفسيرها: لا إله إلا الله، والله أكبر، وسبحان الله وبحمده، أستغفر الله، ولا قوة إلا بالله، الأول والآخر، والظاهر والباطن، بيده الخير، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير. من قالها يا عثمان إذا أصبح عشر مرار، أعطي خصالاً ستاً: أما أولاهن، فيحرس من إبليس وجنوده، وأما الثانية فيعطى قنطاراً من الأجر، وأما الثالثة فترفع له درجة في الجنة، وأما الرابعة فيتزوج من الحور العين، وأما الخامسة فيحضره اثنا عشر ملكاً، وأما السادسة فيعطى من الأجر كمن قرأ القرآن والتوراة والإنجيل والزبور، وله مع هذا يا عثمان من الأجر، كمن حج وتقبلت حجته، واعتمر فتقبلت عمرته، فإن مات من يومه، طبع عليه بطابع الشهداء" ورواه أبو يعلى الموصلي من حديث يحيى بن حماد به مثله، وهو غريب، وفيه نكارة شديدة، والله أعلم. وقوله تبارك وتعالى: { قُلْ أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ تَأْمُرُوۤنِّىۤ أَعْبُدُ أَيُّهَا ٱلْجَـٰهِلُونَ } ذكروا في سبب نزولها ما رواه ابن أبي حاتم وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن المشركين من جهلهم دعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عبادة آلهتهم، ويعبدوا معه إلهه، فنزلت: { قُلْ أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ تَأْمُرُونِّىۤ أَعْبُدُ أَيُّهَا ٱلْجَـٰهِلُونَ وَلَقَدْ أُوْحِىَ إِلَيْكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَـٰسِرِينَ } وهذه كقوله تعالى: { { وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [الأنعام: 88]. وقوله عز وجل: { بَلِ ٱللَّهَ فَٱعْبُدْ وَكُن مِّنَ ٱلشَّـٰكِرِينَ } أي: أخلص العبادة لله وحده لا شريك له، أنت ومن اتبعك وصدقك.