يقول تعالى: {مَّنْ عَمِلَ صَـٰلِحاً فَلِنَفْسِهِ} أي: إنما يعود نفع ذلك على نفسه، {وَمَنْ أَسَآءَ فَعَلَيْهَا} أي: إنما يرجع وبال ذلك عليه، {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّـٰمٍ لِّلْعَبِيدِ} أي: لا يعاقب أحداً إلا بذنبه، ولا يعذب أحداً إلا بعد قيام الحجة عليه، وإرسال الرسول إليه. ثم قال جل وعلا: {إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ ٱلسَّاعَةِ} أي لا يعلم ذلك أحد سواه؛ كما قال محمد صلى الله عليه وسلم وهو سيد البشر، لجبريل عليه الصلاة والسلام، وهو من سادات الملائكة، حين سأله عن الساعة، فقال:
"ما المسؤول عنها بأعلم من السائل" وكما قال عز وجل: { إِلَىٰ رَبِّكَ مُنتَهَـٰهَآ } [النازعات: 44] وقال جل جلاله: { لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَآ إِلاَّ هُوَ } [الأعراف:187]. قوله تبارك وتعالى: {وَمَا تَخْرُجُ مِن ثَمَرَٰتٍ مِّنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَىٰ وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ} أي: الجميع بعلمه، لايعزب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء. وقد قال سبحانه وتعالى: { وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا } [الأنعام: 59] وقال جلت عظمته: { يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَىٰ وَمَا تَغِيضُ ٱلأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَىْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ } [الرعد:8] وقال تعالى: { وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلاَ يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِى كِتَـٰبٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ } [فاطر: 11] وقوله جل وعلا: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَآئِى} أي: يوم القيامة ينادي الله المشركين على رؤوس الخلائق: أين شركائي الذين عبدتموهم معي؟ {قَالُوۤاْ ءَاذَنَّاكَ} أي: أعلمناك {مَا مِنَّا مِن شَهِيدٍ} أي: ليس أحد منا يشهد اليوم أن معك شريكاً {وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَدْعُونَ مِن قَبْلُ} أي: ذهبوا، فلم ينفعوهم، {وَظَنُّواْ مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيصٍ} أي: وظن المشركون يوم القيامة، وهذا بمعنى اليقين {مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيصٍ} أي: لا محيد لهم عن عذاب الله؛ كقوله تعالى: { وَرَأَى ٱلْمُجْرِمُونَ ٱلنَّارَ فَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ مُّوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُواْ عَنْهَا مَصْرِفًا } [الكهف: 53].