التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ
٧٤
لاَ يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ
٧٥
وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَـٰكِن كَانُواْ هُمُ ٱلظَّالِمِينَ
٧٦
وَنَادَوْاْ يٰمَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَّاكِثُونَ
٧٧
لَقَدْ جِئْنَاكُم بِٱلْحَقِّ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ
٧٨
أَمْ أَبْرَمُوۤاْ أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ
٧٩
أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لاَ نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَىٰ وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ
٨٠
-الزخرف

تفسير القرآن العظيم

لما ذكر تعالى حال السعداء، ثنى بذكر الأشقياء فقال: { إِنَّ ٱلْمُجْرِمِينَ فِى عَذَابِ جَهَنَّمَ خَـٰلِدُونَ لاَ يُفَتَّرُ عَنْهُمْ } أي: ساعة واحدة، { وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ } أي: آيسون من كل خير. { وَمَا ظَلَمْنَـٰهُمْ وَلَـٰكِن كَانُواْ هُمُ ٱلظَّـٰلِمِينَ } أي: بأعمالهم السيئة بعد قيام الحجة عليهم، وإرسال الرسل إليهم، فكذبوا وعصوا، فجوزوا بذلك جزاء وفاقاً، وما ربك بظلام للعبيد. { وَنَادَوْاْ يٰمَـٰلِكُ } وهو خازن النار. قال البخاري: حدثنا حجاج بن منهال، حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن عطاء عن صفوان بن يعلى عن أبيه رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ على المنبر: { وَنَادَوْاْ يٰمَـٰلِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ } أي: يقبض أرواحنا، فيريحنا مما نحن فيه؛ فإنهم كما قال تعالى: { { لاَ يُقْضَىٰ عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُواْ وَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِّنْ عَذَابِهَا } [فاطر: 36] وقال عز وجل: { { وَيَتَجَنَّبُهَا ٱلأَشْقَى ٱلَّذِى يَصْلَى ٱلنَّارَ ٱلْكُبْرَىٰ ثُمَّ لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يَحْيَا } [الأعلى: 11 ــــ 13] فلما سألوا أن يموتوا، أجابهم مالك: { قَالَ إِنَّكُمْ مَّـٰكِثُونَ } قال ابن عباس: مكث ألف سنة، ثم قال: إنكم ماكثون. رواه ابن أبي حاتم، أي: لا خروج لكم منها، ولا محيد لكم عنها، ثم ذكر سبب شقوتهم، وهو مخالفتهم للحق، ومعاندتهم له، فقال: { لَقَدْ جِئْنَـٰكُم بِٱلْحَقِّ } أي: بيناه لكم، ووضحناه وفسرناه، { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَـٰرِهُونَ } أي: ولكن كانت سجاياكم لا تقبله، ولا تقبل عليه، وإنما تنقاد للباطل وتعظمه، وتصد عن الحق وتأباه، وتبغض أهله، فعودوا على أنفسكم بالملامة، واندموا حيث لا تنفعكم الندامة، ثم قال تبارك وتعالى: { أَمْ أَبْرَمُوۤاْ أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ } قال مجاهد: أرادوا كيد شر، فكدناهم. وهذا الذي قاله مجاهد كما قال تعالى: { { وَمَكَرُواْ مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } [النحل: 50] وذلك لأن المشركين كانوا يتحيلون في رد الحق بالباطل بحيل ومكر يسلكونه، فكادهم الله تعالى، ورد وبال ذلك عليهم، ولهذا قال: { أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لاَ نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَٰهُم } أي: سرهم وعلانيتهم { بَلَىٰ وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ } أي: نحن نعلم ما هم عليه، والملائكة أيضاً يكتبون أعمالهم صغيرها وكبيرها.