التفاسير

< >
عرض

لَّقَدْ رَضِيَ ٱللَّهُ عَنِ ٱلْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ ٱلشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأنزَلَ ٱلسَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً
١٨
وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَان ٱللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً
١٩
-الفتح

تفسير القرآن العظيم

يخبر تعالى عن رضاه عن المؤمنين الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة، وقد تقدم ذكر عدتهم، وأنهم كانوا ألفاً وأربعمائة، وأن الشجرة كانت سمرة بأرض الحديبية، قال البخاري: حدثنا محمود، حدثنا عبيد الله عن إسرائيل عن طارق: أن عبد الرحمن رضي الله عنه قال: انطلقت حاجاً، فمررت بقوم يصلون، فقلت: ما هذا المسجد؟ قالوا: هذه الشجرة حيث بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان، فأتيت سعيد بن المسيب فأخبرته فقال سعيد: حدثني أبي أنه كان فيمن بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة، قال: فلما خرجنا من العام المقبل نسيناها فلم نقدر عليها، فقال سعيد: إن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لم يعلموها، وعلمتموها أنتم، فأنتم أعلم.

وقوله تعالى: { فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ } أي: من الصدق والوفاء والسمع والطاعة { فَأنزَلَ ٱلسَّكِينَةَ } وهي الطمأنينة { عَلَيْهِمْ وَأَثَـٰبَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً } وهو ما أجرى الله عز وجل على أيديهم من الصلح بينهم وبين أعدائهم، وما حصل بذلك من الخير العام المستمر المتصل بفتح خيبر وفتح مكة، ثم سائر البلاد والأقاليم عليهم، وما حصل لهم من العز والنصر والرفعة في الدنيا والآخرة، ولهذا قال تعالى: { وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَان ٱللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً }.

قال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى ابن سعيد القطان، حدثنا عبيد الله بن موسى، أخبرنا موسى، يعني: ابن عبيدة، حدثني إياس بن سلمة عن أبيه قال: بينما نحن قائلون، إذ نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيها الناس، البيعة البيعة، نزل روح القدس، قال: فثرنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو تحت شجرة سمرة فبايعناه، فذلك قول الله تعالى: { لَّقَدْ رَضِيَ ٱللَّهُ عَنِ ٱلْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ ٱلشَّجَرَةِ } قال: فبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم لعثمان رضي الله عنه بإحدى يديه على الأخرى، فقال الناس: هنيئاً لابن عفان يطوف بالبيت ونحن ههنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو مكث كذا وكذا سنة ما طاف حتى أطوف" .