التفاسير

< >
عرض

قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا ٱلْمُرْسَلُونَ
٣١
قَالُوۤاْ إِنَّآ أُرْسِلْنَآ إِلَىٰ قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ
٣٢
لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن طِينٍ
٣٣
مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ
٣٤
فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ
٣٥
فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ ٱلْمُسْلِمِينَ
٣٦
وَتَرَكْنَا فِيهَآ آيَةً لِّلَّذِينَ يَخَافُونَ ٱلْعَذَابَ ٱلأَلِيمَ
٣٧
-الذاريات

تفسير القرآن العظيم

قال الله تعالى مخبراً عن إبراهيم عليه الصلاة والسلام: { { فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَٰهِيمَ ٱلرَّوْعُ وَجَآءَتْهُ ٱلْبُشْرَىٰ يُجَـٰدِلُنَا فِى قَوْمِ لُوطٍ إِنَّ إِبْرَٰهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ يإِبْرَٰهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَـٰذَآ إِنَّهُ قَدْ جَآءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ } [هود: 74 ــــ 76] وقال ههنا: { قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا ٱلْمُرْسَلُونَ } أي: ما شأنكم، وفيم جئتم؟ { قَالُواْ إِنَّآ أُرْسِلْنَآ إِلَىٰ قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ } يعنون: قوم لوط { لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن طِينٍ مُّسَوَّمَةً } أي: معلمة { عِندَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ } أي: مكتتبة عنده بأسمائهم، كل حجر عليه اسم صاحبه، فقال في سورة العنكبوت: { { قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطاً قَالُواْ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَن فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ ٱلْغَـٰبِرِينَ } [العنكبوت: 32] وقال تعالى ههنا: { فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } وهم لوط وأهل بيته، إلا امرأته { فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } احتج بهذه من ذهب إلى رأي المعتزلة ممن لا يفرق بين مسمى الإيمان والإسلام، لأنه أطلق عليهم المؤمنين والمسلمين، وهذا الاستدلال ضعيف؛ لأن هؤلاء كانوا قوماً مؤمنين، وعندنا أن كل مؤمن مسلم، ولا ينعكس، فاتفق الاسمان ههنا لخصوصية الحال، ولا يلزم ذلك في كل حال، وقوله تعالى: { وَتَرَكْنَا فِيهَآ ءَايَةً لِّلَّذِينَ يَخَافُونَ ٱلْعَذَابَ ٱلأَلِيمَ } أي: جعلناها عبرة لما أنزلنا بهم من العذاب والنكال وحجارة السجيل، وجعلنا محلتهم بحيرة منتنة خبيثة، ففي ذلك عبرة للمؤمنين { وَتَرَكْنَا فِيهَآ ءَايَةً لِّلَّذِينَ يَخَافُونَ ٱلْعَذَابَ ٱلأَلِيمَ }.