التفاسير

< >
عرض

نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلاَ تُصَدِّقُونَ
٥٧
أَفَرَأَيْتُمْ مَّا تُمْنُونَ
٥٨
ءَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَم نَحْنُ ٱلْخَالِقُونَ
٥٩
نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ ٱلْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ
٦٠
عَلَىٰ أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَـٰلَكُمْ وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لاَ تَعْلَمُونَ
٦١
وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ ٱلنَّشْأَةَ ٱلأُولَىٰ فَلَوْلاَ تَذَكَّرُونَ
٦٢
-الواقعة

تفسير القرآن العظيم

يقول تعالى مقرراً للمعاد، وراداً على المكذبين به من أهل الزيغ والإلحاد من الذين قالوا: { أَءِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَـٰماً أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ }؟ وقولهم ذلك صدر منهم على وجه التكذيب والاستبعاد. فقال تعالى: { نَحْنُ خَلَقْنَـٰكُمْ } أي: نحن ابتدأنا خلقكم بعد أن لم تكونوا شيئاً مذكوراً، أفليس الذي قدر على البداءة بقادر على الإعادة بطريق الأولى والأحرى؟ ولهذا قال: { فَلَوْلاَ تُصَدِّقُونَ } أي: فهلا تصدقون بالبعث ثم قال مستدلاً عليهم بقوله: { أَفَرَءَيْتُمْ مَّا تُمْنُونَ أَءَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَم نَحْنُ ٱلْخَـٰلِقُونَ }؟ أي: أنتم تقرونه في الأرحام، وتخلقونه فيها، أم الله الخالق لذلك؟ ثم قال تعالى: { نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ ٱلْمَوْتَ } أي: صرفناه بينكم، وقال الضحاك: ساوى فيه بين أهل السماء والأرض { وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ } أي: وما نحن بعاجزين { عَلَىٰ أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَـٰلَكُمْ } أي: نغير خلقكم يوم القيامة.

{ وَنُنشِئَكُمْ فِى مَا لاَ تَعْلَمُونَ } أي: من الصفات والأحوال. ثم قال تعالى: { وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ ٱلنَّشْأَةَ ٱلأُولَىٰ فَلَوْلاَ تَذَكَّرُونَ } أي: قد علمتم أن الله أنشأكم بعد أن لم تكونوا شيئاً مذكوراً، فخلقكم، وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة، فهلا تتذكرون وتعرفون أن الذي قدر على هذه النشأة، وهي البداءة، قادر على النشأة الأخرى، وهي الإعادة بطريق الأولى والأحرى؛ كما قال تعالى: { { وَهُوَ ٱلَّذِى يَبْدَأُ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ } [الروم: 27] وقال تعالى: { { أَوَلاَ يَذْكُرُ إلإِنْسَـٰنُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً } [مريم: 67] { { أَوَلَمْ يَرَ ٱلإِنسَـٰنُ أَنَّا خَلَقْنَـٰهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مٌّبِينٌ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِىَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحىِ ٱلْعِظَـٰمَ وَهِىَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا ٱلَّذِىۤ أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ } [يس: 77 ــــ 79] وقال تعالى: { { أَيَحْسَبُ ٱلإِنسَـٰنُ أَن يُتْرَكَ سُدًى أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِىٍّ يُمْنَىٰ ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّىٰ فَجَعَلَ مِنْهُ ٱلزَّوْجَيْنِ ٱلذَّكَرَ وَٱلأُنثَىٰ أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَـٰدِرٍ عَلَىٰ أَن يُحْيِىَ ٱلْمَوْتَىٰ } ؟ [القيامة: 36 ــــ 40].