تقدم في حديث عبد الله بن سلام: أن الصحابة رضي الله عنهم أرادوا أن يسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أحب الأعمال إلى الله عز وجل ليفعلوه، فأنزل الله تعالى هذه السورة، ومن جملتها هذه الآية: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ هَلْ أَدُلُّكمْ عَلَىٰ تِجَـٰرَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ }؟ ثم فسر هذه التجارة العظيمة التي لا تبور، التي هي محصلة للمقصود، ومزيلة للمحذور، فقال تعالى: { تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَـٰهِدُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ بِأَمْوَٰلِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } أي: من تجارة الدنيا، والكد لها، والتصدي لها وحدها. ثم قال تعالى: { يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ } أي: إن فعلتم ما أمرتكم به ودللتكم عليه، غفرت لكم الزلات، وأدخلتكم الجنات، والمساكن الطيبات، والدرجات العاليات، ولهذا قال تعالى: { وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّـٰتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ وَمَسَـٰكِنَ طَيِّبَةً فِى جَنَّـٰتِ عَدْنٍ ذَلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ }. ثم قال تعالى: { وَأُخْرَىٰ تُحِبُّونَهَا } أي: وأزيدكم على ذلك زيادة تحبونها، وهي { نَصْرٌ مِّن ٱللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ } أي: إذا قاتلتم في سبيله، ونصرتم دينه، تكفل الله بنصركم، قال الله تعالى:
{ { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوۤاْ إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ } [محمد: 7] وقال تعالى: { وَلَيَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِىٌّ عَزِيزٌ } [الحج: 40] وقوله تعالى: { وَفَتْحٌ قَرِيبٌ } أي: عاجل، فهذه الزيادة هي خير الدنيا موصول بنعيم الآخرة لمن أطاع الله ورسوله، ونصر الله ودينه، ولهذا قال تعالى: { وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ }.