التفاسير

< >
عرض

ءَأَمِنتُمْ مَّن فِي ٱلسَّمَآءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ ٱلأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ
١٦
أَمْ أَمِنتُمْ مِّن فِي ٱلسَّمَآءِ أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ
١٧
وَلَقَدْ كَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نكِيرِ
١٨
أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى ٱلطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَـٰفَّـٰتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ ٱلرَّحْمَـٰنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ
١٩
-الملك

تفسير القرآن العظيم

وهذه أيضاً من لطفه ورحمته بخلقه أنه قادر على تعذيبهم؛ بسبب كفر بعضهم به، وعبادتهم معه غيره، وهو مع هذا يحلم ويصفح، ويؤجل ولا يعجل؛ كما قال تعالى: { { وَلَوْ يُؤَاخِذُ ٱللَّهُ ٱلنَّاسَ بِمَا كَسَبُواْ مَا تَرَكَ عَلَىٰ ظَهْرِهَا مِن دَآبَّةٍ وَلَـٰكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيراً } [فاطر: 45] وقال ههنا { ءَأَمِنتُمْ مَّن فِى ٱلسَّمَآءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ ٱلأَرْضَ فَإِذَا هِىَ تَمُورُ } أي: تذهب وتجيء وتضطرب { أَمْ أَمِنتُمْ مِّن فِى ٱلسَّمَآءِ أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَـٰصِباً } أي: ريحاً فيها حصباء تدمغكم؛ كما قال تعالى: { { أَفَأَمِنتُمْ أَن يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ ٱلْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ وَكِيلاً } [الإسراء: 68] وهكذا توعدهم ههنا بقوله: { فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ } أي: كيف يكون إنذاري، وعاقبة من تخلف عنه، وكذب به؟

ثم قال تعالى: { وَلَقَدْ كَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } أي: من الأمم السالفة، والقرون الخالية { فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ }؟ أي: فكيف كان إنكاري عليهم، ومعاقبتي لهم؟ أي: عظيماً شديداً أليماً. ثم قال تعالى: { أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى ٱلطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَــٰفَّـٰتٍ وَيَقْبِضْنَ } أي: تارة يصففن أجنحتهن في الهواء، وتارة تجمع وتنشر جناحاً { مَا يُمْسِكُهُنَّ } أي: في الجو { إِلاَّ ٱلرَّحْمَـٰنُ } أي: بما سخر لهن من الهواء من رحمته ولطفه { إِنَّهُ بِكُلِّ شَىْءٍ بَصِيرٌ } أي: بما يصلح كل شيء من مخلوقاته، وهذه كقوله تعالى: { { أَلَمْ يَرَوْاْ إِلَىٰ ٱلطَّيْرِ مُسَخَّرَٰتٍ فِى جَوِّ ٱلسَّمَآءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ ٱللَّهُ إِنَّ فِى ذٰلِكَ لآيَـٰتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } [النحل: 79].