التفاسير

< >
عرض

وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ ٱلأَقَاوِيلِ
٤٤
لأَخَذْنَا مِنْهُ بِٱلْيَمِينِ
٤٥
ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ ٱلْوَتِينَ
٤٦
فَمَا مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ
٤٧
وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ
٤٨
وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنكُمْ مُّكَذِّبِينَ
٤٩
وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ
٥٠
وَإِنَّهُ لَحَقُّ ٱلْيَقِينِ
٥١
فَسَبِّحْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلْعَظِيمِ
٥٢
-الحاقة

تفسير القرآن العظيم

يقول تعالى: { وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا } أي: محمد صلى الله عليه وسلم، لو كان كما يزعمون مفترياً علينا، فزاد في الرسالة، أو نقص منها، أو قال شيئاً من عنده، فنسبه إلينا، وليس كذلك، لعاجلناه بالعقوبة، ولهذا قال تعالى: { لأَخَذْنَا مِنْهُ بِٱلْيَمِينِ } قيل: معناه: لانتقمنا منه باليمين؛ لأنها أشد في البطش، وقيل: لأخذنا بيمينه، { ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ ٱلْوَتِينَ } قال ابن عباس: وهو نياط القلب، وهو العرق الذي القلب معلق فيه، وكذا قال عكرمة وسعيد بن جبير والحكم وقتادة والضحاك، ومسلم البطين وأبو صخر حميد بن زياد، وقال محمد بن كعب: هو القلب ومراقه وما يليه. وقوله تعالى: { فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَـٰجِزِينَ } أي: فما يقدر أحد منكم على أن يحجز بيننا وبينه إذا أردنا به شيئاً من ذلك. والمعنى في هذا: بل هو صادق بار راشد؛ لأن الله عزّ وجلّ مقرّر له ما يبلغه عنه، ومؤيد له بالمعجزات الباهرات، والدلالات القاطعات.

ثم قال تعالى: { وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ } يعني: القرآن؛ كما قال تعالى: { { قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ هُدًى وَشِفَآءٌ وَٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ فِىۤ ءَاذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى } [فصلت: 44] ثم قال تعالى: { وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنكُم مُّكَذِّبِينَ } أي: مع هذا البيان والوضوح، سيوجد منكم من يكذب بالقرآن. ثم قال تعالى: { وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى ٱلْكَـٰفِرِينَ } قال ابن جرير: وإن التكذيب لحسرة على الكافرين يوم القيامة. وحكاه عن قتادة بمثله، وروى ابن أبي حاتم من طريق السدي عن أبي مالك: { وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى ٱلْكَـٰفِرِينَ } يقول: لندامة، ويحتمل عود الضمير على القرآن، أي: وإن القرآن والإيمان به لحسرة في نفس الأمر على الكافرين؛ كما قال تعالى: { { كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ ٱلْمُجْرِمِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِهِ } [الشعراء: 200 ــــ 201] وقال تعالى: { { وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ } [سبأ: 54] ولهذا قال ههنا: { وَإِنَّهُ لَحَقُّ ٱلْيَقِينِ } أي: الخبر الصادق الحق الذي لا مرية فيه، ولا شك ولا ريب، ثم قال تعالى: { فَسَبِّحْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلْعَظِيمِ } أي: الذي أنزل هذا القرآن العظيم. آخر تفسير سورة الحاقة، ولله الحمد والمنة.