التفاسير

< >
عرض

وَقَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَئِنِ ٱتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ
٩٠
فَأَخَذَتْهُمُ ٱلرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ
٩١
ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيْباً كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيْباً كَانُواْ هُمُ ٱلْخَاسِرِينَ
٩٢
-الأعراف

تفسير القرآن العظيم

يخبر تعالى عن شدة كفرهم وتمردهم وعتوهم، وما هم فيه من الضلال، وما جبلت عليه قلوبهم من المخالفة للحق، ولهذا أقسموا وقالوا: { لَئِنِ ٱتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَـٰسِرُونَ } فلهذا عقبه بقوله: { فَأَخَذَتْهُمُ ٱلرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَـٰثِمِينَ } أخبر تعالى هنا أنهم أخذتهم الرجفة، وذلك كما أرجفوا شعيباً وأصحابه، وتوعدهم بالجلاء؛ كما أخبر عنهم في سورة هود فقال: { { وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَأَخَذَتِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِى دِيَـٰرِهِمْ جَـٰثِمِينَ } [هود: 94] والمناسبة هناك، والله أعلم، أنهم لما تهكموا به في قولهم: { أَصَلَوَٰتُكَ تَأْمُرُكَ } الآية، فجاءت الصيحة فأسكتتهم، وقال تعالى إخباراً عنهم في سورة الشعراء: { { فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ ٱلظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } [الشعراء: 189] وما ذاك إلا لأنهم قالوا له في سياق القصة: { { فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفاً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ } [الشعراء: 187] الآية.

فأخبرأنه أصابهم عذاب يوم الظلة، وقد اجتمع عليهم ذلك كله؛ أصابهم عذاب يوم الظلة، وهي سحابة أظلتهم فيها شرر من نار ولهب ووهج عظيم، ثم جاءتهم صيحة من السماء، ورجفة من الأرض شديدة من أسفل منهم، فزهقت الأرواح، وفاضت النفوس، وخمدت الأجسام { فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَـٰثِمِينَ } ثم قال تعالى: { كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا } أي: كأنهم لما أصابتهم النقمة، لم يقيموا بديارهم التي أرادوا إجلاء الرسول وصحبه منها. ثم قال تعالى مقابلاً لقيلهم: { ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيْبًا كَانُواْ هُمُ ٱلْخَـٰسِرِينَ }.