يقول تعالى: { أَلَمْ نُهْلِكِ ٱلأَوَّلِينَ}؟ يعني: من المكذبين للرسل، المخالفين لما جاؤوهم به { ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ ٱلأَخِرِينَ} أي: ممن أشبههم، ولهذا قال تعالى: { كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِٱلْمُجْرِمِينَ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } قاله ابن جرير. ثم قال تعالى ممتناً على خلقه، ومحتجاً على الإعادة بالبداءة: { أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ} أي: ضعيف حقير بالنسبة إلى قدرة الباري عز وجل؛ كما تقدم في سورة يس في حديث بسر بن جحاش:
"ابن آدم أنى تعجزني، وقد خلقتك من مثل هذه؟" { فَجَعَلْنَـٰهُ فِى قَرَارٍ مَّكِينٍ} يعني: جمعناه في الرحم، وهو قرار الماء، من الرجل والمرأة، والرحم معد لذلك، حافظ لما أودع فيه من الماء. وقوله تعالى: {إِلَىٰ قَدَرٍ مَّعْلُومٍ} يعني: إلى مدة معينة؛ من ستة أشهر، أو تسعة أشهر، ولهذا قال تعالى: { فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ ٱلْقَـٰدِرُونَ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } ثم قال تعالى: { أَلَمْ نَجْعَلِ ٱلأَرْضَ كِفَاتاً أَحْيَآءً وَأَمْوٰتاً } قال ابن عباس: كفاتاً: كِنّاً. وقال مجاهد: يكفت الميت، فلا يرى منه شيء. وقال الشعبي: بطنها لأمواتكم، وظهرها لأحيائكم، وكذا قال مجاهد وقتادة. {وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِىَ شَـٰمِخَـٰتٍ} يعني: الجبال، أرسى بها الأرض لئلا تميد وتضطرب {وَأَسْقَيْنَـٰكُم مَّآءً فُرَاتاً} أي: عذباً زلالاً؛ من السحاب، أو مما أنبعه من عيون الأرض { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ} أي: ويل لمن تأمل هذه المخلوقات الدالة على عظمة خالقها، ثم بعد هذا يستمر على تكذيبه وكفره.