يخبر تعالى عما يصير الأبرار إليه من النعيم، وهم الذين أطاعوا الله عز وجل، ولم يقابلوه بالمعاصي، وقد روى ابن عساكر في ترجمة موسى بن محمد: عن هشام بن عمار عن عيسى بن يونس بن أبي إسحاق عن عبيد الله عن محارب عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"إنما سماهم الله الأبرار؛ لأنهم بروا الآباء والأبناء" ثم ذكر ما يصير إليه الفجار من الجحيم والعذاب المقيم، ولهذا قال: { يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ ٱلدِّينِ} أي: يوم الحساب والجزاء والقيامة { وَمَا هُمَ عَنْهَا بِغَآئِبِينَ} أي: لا يغيبون عن العذاب ساعة واحدة، ولا يخفف عنهم من عذابها، ولا يجابون إلى ما يسألون من الموت أو الراحة، ولو يوماً واحداً، وقوله تعالى: { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ ٱلدِّينِ}؟ تعظيم لشأن يوم القيامة، ثم أكده بقوله تعالى: { ثُمَّ مَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ ٱلدِّينِ}؟ ثم فسره بقوله: {يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً} أي: لا يقدر أحد على نفع أحد، ولا خلاصه مما هو فيه، إلا أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى، ونذكر ههنا حديث: "يا بني هاشم أنقذوا أنفسكم من النار، لا أملك لكم من الله شيئاً" وقد تقدم في آخر تفسير سورة الشعراء، ولهذا قال: {وَٱلأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ} كقوله: { لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ لِلَّهِ ٱلْوَٰحِدِ ٱلْقَهَّارِ } [غافر: 16] وكقوله: { ٱلْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ ٱلْحَقُّ لِلرَّحْمَـٰنِ } [الفرقان: 26] وكقوله: { مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ } [الفاتحة: 4] قال قتادة: { يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَٱلأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ} والأمر والله اليوم لله، ولكنه لا ينازعه فيه يومئذ أحد. آخر تفسير سورة الانفطار، ولله الحمد والمنة، وبه التوفيق والعصمة.