التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ أَجْرَمُواْ كَانُواْ مِنَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يَضْحَكُونَ
٢٩
وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ
٣٠
وَإِذَا ٱنقَلَبُوۤاْ إِلَىٰ أَهْلِهِمُ ٱنقَلَبُواْ فَكِهِينَ
٣١
وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوۤاْ إِنَّ هَـٰؤُلاَءِ لَضَالُّونَ
٣٢
وَمَآ أُرْسِلُواْ عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ
٣٣
فَٱلْيَوْمَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنَ ٱلْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ
٣٤
عَلَى ٱلأَرَآئِكِ يَنظُرُونَ
٣٥
هَلْ ثُوِّبَ ٱلْكُفَّارُ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ
٣٦
-المطففين

تفسير القرآن العظيم

يخبر تعالى عن المجرمين أنهم كانوا في الدار الدنيا يضحكون من المؤمنين، أي: يستهزئون بهم، ويحتقرونهم، وإذا مروا بالمؤمنين، يتغامزون عليهم، أي: محتقرين لهم، { وَإِذَا ٱنقَلَبُوۤاْ إِلَىٰ أَهْلِهِمْ ٱنقَلَبُواْ فَكِهِينَ } أي: وإذا انقلب، أي: رجع هؤلاء المجرمون إلى منازلهم، انقلبوا إليها فاكهين، أي: مهما طلبوا وجدوا، ومع هذا، ما شكروا نعمة الله عليهم، بل اشتغلوا بالقوم المؤمنين؛ يحقرونهم ويحسدونهم، { وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوۤاْ إِنَّ هَـٰؤُلاَءِ لَضَآلُّونَ } أي: لكونهم على غير دينهم.

قال الله تعالى: { وَمَآ أُرْسِلُواْ عَلَيْهِمْ حَـٰفِظِينَ } أي: وما بعث هؤلاء المجرمون حافظين على هؤلاء المؤمنين ما يصدر منهم من أعمالهم وأقوالهم، ولا كلفوا بهم، فلم اشتغلوا بهم وجعلوهم نصب أعينهم؟ كما قال تعالى: { { ٱخْسَئُواْ فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِى يَقُولُونَ رَبَّنَآ ءَامَنَّا فَٱغْفِرْ لَنَا وَٱرْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ ٱلرَٰحِمِينَ فَٱتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيّاً حَتَّىٰ أَنسَوْكُمْ ذِكْرِى وَكُنْتُمْ مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ إِنِّى جَزَيْتُهُمُ ٱلْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوۤاْ أَنَّهُمْ هُمُ ٱلْفَآئِزُونَ } [المؤمنون: 108 ــــ 111] ولهذا قال ههنا: { فَٱلْيَوْمَ } يعني: يوم القيامة { ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنَ ٱلْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ } أي: في مقابلة ما ضحك بهم أولئك { عَلَى ٱلأَرَآئِكِ يَنظُرُونَ } أي: إلى الله عز وجل، في مقابلة من زعم فيهم أنهم ضالون، ليسوا بضالين، بل هم من أولياء الله المقربين، ينظرون إلى ربهم في دار كرامته. وقوله تعالى: { هَلْ ثُوِّبَ ٱلْكُفَّارُ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ }؟ أي: هل جوزي الكفار على ما كانوا يقابلون به المؤمنين من الاستهزاء والتنقيص أم لا؟ يعني: قد جوزوا أوفر الجزاء وأتمه وأكمله. آخر تفسير سورة المطففين، و لله الحمد والمنة.