التفاسير

< >
عرض

فَأَمَّا ٱلإِنسَانُ إِذَا مَا ٱبْتَلاَهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّيۤ أَكْرَمَنِ
١٥
وَأَمَّآ إِذَا مَا ٱبْتَلاَهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّيۤ أَهَانَنِ
١٦
كَلاَّ بَل لاَّ تُكْرِمُونَ ٱلْيَتِيمَ
١٧
وَلاَ تَحَآضُّونَ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ
١٨
وَتَأْكُلُونَ ٱلتُّرَاثَ أَكْلاً لَّمّاً
١٩
وَتُحِبُّونَ ٱلْمَالَ حُبّاً جَمّاً
٢٠
-الفجر

تفسير القرآن العظيم

يقول تعالى منكراً على الإنسان في اعتقاده إذا وسع الله تعالى عليه في الرزق ليختبره في ذلك، فيعتقد أن ذلك من الله إكرام له، وليس كذلك، بل هو ابتلاء وامتحان؛ كما قال تعالى: { { أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ نُسَارِعُ لَهُمْ فِى ٱلْخَيْرَٰتِ بَل لاَّ يَشْعُرُونَ } [المؤمنون: 55 ــــ 56] وكذلك في الجانب الآخر إذا ابتلاه وامتحنه، وضيق عليه في الرزق، يعتقد أن ذلك من الله إهانة له؛ كما قال الله تعالى: { كَلاَّ } أي: ليس الأمر كما زعم، لا في هذا، ولا في هذا، فإن الله تعالى يعطي المال من يحب ومن لا يحب، ويضيق على من يحب ومن لا يحب، وإنما المدار في ذلك، على طاعة الله في كل من الحالين: إذا كان غنياً بأن يشكر الله على ذلك وإذا كان فقيراً بأن يصبر، وقوله تعالى: { بَل لاَّ تُكْرِمُونَ ٱلْيَتِيمَ } فيه أمر بالإكرام له؛ كما جاء في الحديث الذي رواه عبد الله بن المبارك عن سعيد بن أبي أيوب عن يحيى بن أبي سليمان عن يزيد بن أبي عتاب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "خير بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يحسن إليه، وشر بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يساء إليه ــــ ثم قال بأصبعه ــــ أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا"

وقال أبو داود: حدثنا محمد بن الصباح بن سفيان، أخبرنا عبد العزيز، يعني: ابن أبي حازم، حدثني أبي عن سهل، يعني: ابن سعيد: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة" وقرن بين أصبعيه الوسطى والتي تلي الإبهام، { وَلاَ تَحَاضُّونَ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ } يعني: لا يأمرون بالإحسان إلى الفقراء والمساكين، ويحث بعضهم على بعض في ذلك، { وَتَأْكُلُونَ ٱلتُّرَاثَ } يعني الميراث { أَكْلاً لَّمّاً } أي: من أي جهة حصل لهم ذلك؛ من حلال أو حرام، { وَتُحِبُّونَ ٱلْمَالَ حُبّاً جَمّاً } أي: كثيراً، زاد بعضهم: فاحشاً.