التفاسير

< >
عرض

وَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ ٱئْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي أَلا فِي ٱلْفِتْنَةِ سَقَطُواْ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِٱلْكَافِرِينَ
٤٩
-التوبة

تفسير القرآن العظيم

يقول تعالى: ومن المنافقين من يقول لك: يا محمد { ٱئْذَن لِّي } في القعود، { وَلاَ تَفْتِنِّى } بالخروج معك بسبب الجواري من نساء الروم. قال الله تعالى: { أَلا فِى ٱلْفِتْنَةِ سَقَطُواْ } أي: قد سقطوا في الفتنة بقولهم هذا؛ كما قال محمد بن إسحاق عن الزهري ويزيد بن رومان وعبد الله بن أبي بكر وعاصم بن قتادة وغيرهم قالوا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وهو في جهازه للجد بن قيس أخي بني سلمة: "هل لك يا جد العام في جلاد بني الأصفر؟" فقال: يا رسول الله أو تأذن لي ولا تفتني، فوالله لقد عرف قومي ما رجل أشد عجباً بالنساء مني، وإني أخشي إن رأيت نساء بني الأصفر أن لا أصبر عنهن. فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: "قد أذنت لك" ففي الجد بن قيس نزلت هذه: { وَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ ٱئْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّى } الآية، أي: إن كان إنما يخشى من نساء بني الأصفر، وليس ذلك به، فما سقط فيه من الفتنة بتخلفه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والرغبة بنفسه عن نفسه أعظم. وهكذا روي عن ابن عباس ومجاهد وغير واحد: أنها نزلت في الجد بن قيس، وقد كان الجد بن قيس هذا من أشراف بني سلمة. وفي الصحيح: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم: "من سيدكم يا بني سلمة؟" قالوا: الجد بن قيس على أنا نبخله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وأي داء أدوأ من البخل! ولكن سيدكم الفتى الجعد الأبيض بشر بن البراء بن معرور" وقوله تعالى: { وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِٱلْكَـٰفِرِينَ } أي: لا محيد لهم عنها، ولا محيص ولا مهرب.