التفاسير

< >
عرض

وَإِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُواْ بِٱللَّهِ وَجَاهِدُواْ مَعَ رَسُولِهِ ٱسْتَأْذَنَكَ أُوْلُواْ ٱلطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُواْ ذَرْنَا نَكُنْ مَّعَ ٱلْقَاعِدِينَ
٨٦
رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ ٱلْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ
٨٧
-التوبة

تفسير القرآن العظيم

يقول تعالى منكراً وذاماً للمتخلفين عن الجهاد الناكلين عنه مع القدرة عليه ووجود السعة والطول، واستأذنوا الرسول في القعود، وقالوا: { ذَرْنَا نَكُنْ مَّعَ ٱلْقَـٰعِدِينَ } ورضوا لأنفسهم بالعار والقعود في البلد مع النساء، وهن الخوالف بعد خروج الجيش، فإذا وقع الحرب، كانوا أجبن الناس، وإذا كان أمن، كانوا أكثر الناس كلاماً، كما قال تعالى عنهم في الآية الأخرى: { { فَإِذَا جَآءَ ٱلْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدورُ أَعْيُنُهُمْ كَٱلَّذِى يُغْشَىٰ عَلَيْهِ مِنَ ٱلْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ ٱلْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ } [الأحزاب: 19] أي: علت ألسنتهم بالكلام الحاد القوي في الأمن، وفي الحرب أجبن شيء، وكما قال الشاعر:

أفي السّلْمِ أَعْياراً جَفاءً وغِلْظَةًوفي الحرْبِ أشباهَ النِّساء العَواركِ؟

وقال تعالى في الآية الأخرى: { { وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَوْلاَ نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا ٱلْقِتَالُ رَأَيْتَ ٱلَّذِينَ فِى قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ ٱلْمَغْشِىِّ عَلَيْهِ مِنَ ٱلْمَوْتِ فَأَوْلَىٰ لَهُمْ طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَّعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ ٱلاَْمْرُ فَلَوْ صَدَقُواْ ٱللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ } [محمد: 20-21] الآية، وقوله: { وَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ } أي: بسبب نكولهم عن الجهاد والخروج مع الرسول في سبيل الله { فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ } أي: لا يفهمون ما فيه صلاح لهم فيفعلوه ولا ما فيه مضرة لهم فيجتنبوه.