التفاسير

< >
عرض

كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَآ
١١
إِذِ ٱنبَعَثَ أَشْقَاهَا
١٢
فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ ٱللَّهِ نَاقَةَ ٱللَّهِ وَسُقْيَاهَا
١٣
فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا
١٤
وَلاَ يَخَافُ عُقْبَاهَا
١٥
-الشمس

تفسير القرآن العظيم

يخبر تعالى عن ثمود: أنهم كذبوا رسولهم بسبب ما كانوا عليه من الطغيان والبغي، وقال محمد بن كعب: { بِطَغْوَاهَآ } أي: بأجمعها، والأول أولى، قاله مجاهد وقتادة وغيرهما، فأعقبهم ذلك تكذيباً في قلوبهم بما جاءهم به رسولهم عليه الصلاة والسلام من الهدى واليقين { إِذِ ٱنبَعَثَ أَشْقَـٰهَا } أي: أشقى القبيلة، وهو قدار بن سالف عاقر الناقة، وهو أحيمر ثمود، وهو الذي قال الله تعالى: { { فَنَادَوْاْ صَـٰحِبَهُمْ فَتَعَاطَىٰ فَعَقَرَ } الآية [القمر: 29]. وكان هذا الرجل عزيزاً فيهم، شريفاً في قومه، نسيباً رئيساً مطاعاً، كما قال الإمام أحمد: حدثنا ابن نمير، حدثنا هشام عن أبيه عن عبد الله بن زمعة قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر الناقة، وذكر الذي عقرها فقال: "إذ انبعث أشقاها: انبعث لها رجل عارم عزيز منيع في رهطه مثل أبي زمعة" ورواه البخاري في التفسير، ومسلم في صفة النار، والترمذي والنسائي في التفسير من سننيهما، وكذا ابن جرير وابن أبي حاتم من طرق هشام بن عروة به. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة، حدثنا إبراهيم ابن موسى، حدثنا عيسى بن يونس، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثني يزيد بن محمد بن خُثيم عن محمد ابن كعب القرظي عن محمد بن خُثيم أبي يزيد، عن عمار بن ياسر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: "ألا أحدثك بأشقى الناس؟" قال: بلى. قال: "رجلان: أحيمر ثمود الذي عقر الناقة والذي يضربك يا علي على هذا ــــ يعني: قرنه ــــ حتى تبتل منه هذه" يعني لحيته.

وقوله تعالى: { فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ ٱللَّهِ } يعني: صالحاً عليه السلام { نَاقَةَ ٱللَّهِ } أي: احذروا ناقة الله أن تمسوها بسوء { وَسُقْيَـٰهَا } أي: لا تعتدوا عليها في سقياها؛ فإن لها شرب يوم، ولكم شرب يوم معلوم، قال الله تعالى: { فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا } أي: كذبوه فيما جاءهم به، فأعقبهم ذلك أن عقروا الناقة التي أخرجها الله من الصخرة آية لهم، وحجة عليهم { فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنبِهِمْ } أي: غضب عليهم فدمر عليهم { فَسَوَّاهَا } أي: فجعل العقوبة نازلة عليهم على السواء. قال قتادة: بلغنا أن أحيمر ثمود لم يعقر الناقة حتى بايعه صغيرهم وكبيرهم وذكرهم وأنثاهم، فلما اشترك القوم في عقرها، دمدم الله عليهم بذنبهم، فسواها. وقوله تعالى: { وَلاَ يَخَافُ } وقرىء: (فلا يخاف) { عُقْبَـٰهَا } قال ابن عباس: لا يخاف الله من أحد تبعة، وكذا قال مجاهد والحسن وبكر بن عبد الله المزني وغيرهم، وقال الضحاك والسدي: { وَلاَ يَخَافُ عُقْبَـٰهَا } أي: لم يخف الذي عقرها عاقبة ما صنع، والقول الأول أولى؛ لدلالة السياق عليه، والله أعلم. آخر تفسير سورة والشمس وضحاها، ولله الحمد والمنة.