يقول تعالـى ذكره لهؤلاء الـمشركين: ألـم تَرَوا أَيُّها الـمشركون بـالله إلـى الطير مسخرات فـي جوّ السماء، يعني: فـي هواء السماء بـينها وبـين الأرض، كما قال إبراهيـم بن عمران الأنصاريّ:
وَيْلُ امِّها مِنْ هَوَاءِ الـجَوّ طالِبَةًوَلا كَهذا الَّذِي فـي الأرْضِ مَطْلُوبُ
يعنـي: فـي هواء السماء. { ما يُـمْسِكُهُنَّ إلاَّ اللَّهُ } يقول: ما طيرانها فـي الـجوّ إلا بـالله وبتَسْخِيره إياها بذلك، ولو سلبها ما أعطاها من الطيران لـم تقدر علـى النهوض ارتفـاعاً. وقوله: { إنَّ فِـي ذلكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } يقول: إن فـي تسخير الله الطير وتـمكينه لها الطيران فـي جوّ السماء، لعلامات ودلالات علـى أن لا إله إلا اللَّهُ وحدَه لا شريك له، وأنه لاحظ للأصنام والأوثان فـي الألوهة. { لَقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } يعنـي: لقوم يقرّون بوجدان ما تعاينه أبصارهم وتـحسه حواسّهم. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { مُسَخَّرَاتٍ فِـي جَوّ السَّماءِ }: أي فـي كبد السماء.