. يقول تعالـى ذكره: تقدّس الربّ الذي جعل فـي السماء بروجاً ويعنـي بـالبروج: القصور، فـي قول بعضهم. ذكر من قال ذلك:
حدثنا مـحمد بن العلاء ومـحمد بن الـمثنى وسلـم بن جنادة، قالوا: ثنا عبد الله بن إدريس، قال: سمعت أبـي، عن عطية بن سعد، فـي قوله { تَبـارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِـي السَّماءِ بُرُوجاً } قال: قصوراً فـي السماء، فـيها الـحرس.
حدثنا مـحمد بن الـمثنى، قال: ثنـي أبو معاوية، قال: ثنـي إسماعيـل، عن يحيى بن رافع، فـي قوله { تَبـارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِـي السَّماءِ بُرُوجاً } قال: قصوراً فـي السماء.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عمرو، عن منصور، عن إبراهيـم { جَعَلَ فِـي السَّماء بُرُوجاً } قال: قصوراً فـي السماء.
حدثنـي إسماعيـل بن سيف، قال: ثنـي علـيّ بن مسهرٍ، عن إسماعيـل، عن أبـي صالـح، فـي قوله { تَبـارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِـي السَّماء بُرُوجاً } قال: قصوراً فـي السماء فـيها الـحرس.
وقال آخرون: هي النـجوم الكبـار. ذكر من قال ذلك:
حدثنـي ابن الـمثنى، قال: ثنا يعلـى بن عبـيد، قال: ثنا إسماعيـل، عن أبـي صالـح { تَبـارَكَ الَّذي جَعَلَ فِـي السَّماءِ بُرُوجاً } قال: النـجوم الكبـار.
قال: ثنا الضحاك، عن مخـلد، عن عيسى بن ميـمون، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد قال: الكواكب.
حدثنا الـحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قَتادة، فـي قوله { بُرُوجاً } قال: البروج: النـجوم.
قال أبو جعفر: وأولـى القولـين فـي ذلك بـالصواب قول من قال: هي قصور فـي السماء، لأن ذلك فـي كلام العرب { وَلَوْ كُنْتُـمْ فِـي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ } وقول الأخطل:
كأنَّهَا بُرْجُ رُوميّ يُشَيِّدُهُبـانٍ بِحِصّ وآجُرَ وأحْجارِ
يعنـي بـالبرج: القصر. قوله: { وَجَعَلَ فـيها سِرَاجاً } اختلف القرّاء فـي قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الـمدينة والبصرة: { وَجَعَلَ فِـيها سرَاجاً } علـى التوحيد، ووجهوا تأويـل ذلك إلـى أنه جعل فـيها الشمس، وهي السراج التـي عنـي عندهم بقوله: { وَجَعَلَ فِـيها سراجاً }. كما:
حدثنا الـحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قَتادة، فـي قوله { وَجَعَلَ فِـيها سِرَاجاً وَقَمَراً مُنِـيراً } قال: السراج: الشمس.
وقرأته عامة قرّاء الكوفـيـين: «وَجَعَلَ فِـيها سُرُجاً» علـى الـجماع، كأنهم وجهوا تأويـله: وجعل فـيها نـجوماً { وقَمَراً مُنِـيراً } وجعلوا النـجوم سُرُجاً إذ كان يُهتدى بها.
والصواب من القول فـي ذلك عندي أن يقال: إنهما قراءتان مشهورتان فـي قَرَأَةِ الأمصار، لكل واحدة منهما وجه مفهوم، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب.
وقوله: { وَقَمَراً مُنِـيراً } يعنـي بـالـمنـير: الـمضيء.