يقول تعالى ذكره مخبراً عن قيل هؤلاء النفر من الجنّ { يا قَوْمَنا } من الجنّ أجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ } قالوا: أجيبوا رسول الله محمداً إلى ما يدعوكم إليه من طاعة الله { وآمِنُوا بِهِ } يقول: وصدّقوه فيما جاءكم به وقومه من أمر الله ونهيه، وغير ذلك مما دعاكم إلى التصديق به{ يَغْفِرْ لَكُمْ } يقول: يتغمد لكم ربكم من ذنوبكم فيسترها لكم ولا يفضحكم بها في الآخرة بعقوبته إياكم عليها { ويُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } يقول: وينقذكم من عذاب موجع إذا أنتم تبتم من ذنوبكم، وأنبتم من كفركم إلى الإيمان بالله وبداعيه.
وقوله:{ وَمَنْ لا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الأرْضِ } يقول تعالى ذكره مخبراً عن قيل هؤلاء النفر لقومهم: ومن لا يجب أيُّها القوم رسول الله صلى الله عليه وسلم محمداً، وداعيه إلى ما بعثه بالدعاء إليه من توحيده، والعمل بطاعته { فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الأرْضِ } يقول: فليس بمعجز ربه بهربه، إذا أراد عقوبته على تكذيبه داعيه، وتركه تصديقه وإن ذهب في الأرض هارباً، لأنه حيث كان فهو في سلطانه وقبضته { وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أوْلِياءُ } يقول: وليس لمن لم يجب داعي الله من دون ربه نُصراء ينصرونه من الله إذا عاقبه ربه على كفره به وتكذيبه داعيه.
وقوله:{ أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ } يقول: هؤلاء الذين لم يجيبوا داعي الله فيصدّقوا به، وبما دعاهم إليه من توحيد الله، والعمل بطاعته في جور عن قصد السبيل، وأخذ على غير استقامة، { مبين }: يقول: يبين لمن تأمله أنه ضلال، وأخذ على غير قصد.