. يعني جلّ ثناؤه بقوله:
{ { فَإذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ } ، فذلك يومئذ يوم شديد. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن فضيل وأسباط، عن مطرِّف، عن عطية العوفيِّ، عن ابن عباس، في قوله { فإذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ فَذلكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ } قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"كَيْفَ أنْعَمُ وَصَاحبُ القَرْنِ قَدِ الْتَقَمَ القَرْنَ وَحَنى جَبْهَتَهُ يَسْتَمعُ مَتى يُؤْمَرُ يَنْفُخُ فِيهِ" ، فقال أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف نقول؟ فقال: "تقولون: { حَسْبُنا اللَّهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ، عَلى اللَّهِ تَوَكَّلْنا }" . حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، قال: أخبرنا أبو رجاء، عن عكرِمة، في قوله: { فإذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ } قال: إذا نُفخ في الصور.
حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا أبو النعمان الحكم بن عبد الله، قال: ثنا شعبة، عن أبي رجاء، عن عكرِمة، في قوله { فإذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ } مثله.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن شريك، عن جابر، عن مجاهد { فإذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ } قال: إذا نُفخ في الصور.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله { فإذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ } قال: في الصور، قال: هي شيء كهيئة البوق.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: { فإذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ } قال: هو يوم يُنفخ في الصور الذي ينفخ فيه قال ابن عباس: إن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى أصحابه، فقال:
"كَيْفَ أنْعَمُ وَصَاحِبُ القَرْنِ قَدِ الْتَقَمَ القَرْنَ، وَحَنى جَبْهَتَهُ، ثُمَّ أقْبَلَ بأُذُنِهِ يَسْتَمِعُ مَتى يُؤْمَرُ بالصَّيْحَة" فاشتدّ ذلك على أصحابه، فأمرهم أن يقولوا: «حَسْبُنا اللَّهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ، على اللَّهِ تَوَكِّلْنا». حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله { فإذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ } يقول: الصور.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، قال الحسن: { فإذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ } قال: إذا نُفخ في الصُّور.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، في قوله: { فإذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ } والناقور: الصور، والصور: الخلق.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول، في قوله: { فإذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ } يعني: الصُّور.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن أبي جعفر، عن الربيع، قوله: { فإذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ } قال: الناقور: الصور.
حدثنا مهران، عن أبي جعفر، عن الربيع مثله.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: { فإذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ } قال: الصور.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: { فَذَلكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ } يقول: شديد.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال الله تعالى ذكره: { فَذلكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ } فبين الله على من يقع { على الكافرين غير يسير }.
وقوله: { ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً } يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: كل يا محمد أمر الذي خلقته في بطن أمه وحيداً، لا شيء له من مال ولا ولد إليّ. وذُكر أنه عُنِي بذلك: الوليد بن المغيرة المخزومي. ذكر من قال ذلك:
حدثنا سفيان، قال: ثنا وكيع، قال: ثنا يونُس بن بكير، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد مولى زيد، عن سعيد بن جُبير أو عكرِمة، عن ابن عباس، قال: أنزل الله في الوليد بن المغيرة قوله: { ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً } وقوله:
{ { فَوَرَبِّكَ لَنَسألَنَّهُمْ أجَمعِينَ... } إلى آخرها. حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد { ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً } قال: خلقته وحده ليس معه مال ولا ولد.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن محمد بن شريك، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد { ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً } قال: نزلت في الوليد بن المغيرة، وكذلك الخلق كلهم.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً } وهو الوليد بن المغيرة، أخرجه الله من بطن أمه وحيداً لا مال له ولا ولد، فرزقه الله المال والولد، والثروة والنماء.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: { ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً }... إلى قوله:
{ { إنْ هَذَا إلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ } ... حتى بلغ { { سأُصْلِيهِ سَقَرَ } قال: هذه الآية أُنزلت في الوليد بن المُغيرة. حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: { ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً } يعني الوليد بن المغيرة.
{ وَجَعَلْتُ لَهُ مالاً مَمْدُوداً }. اختلف أهل التأويل في هذا المال الذي ذكره الله، وأخبر أنه جعله للوحيد ما هو، وما مبلغه؟ فقال بعضهم: كان ذلك دنانير، ومبلغها ألف دينار. ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن إسماعيل بن إبراهيم، عن أبيه، عن مجاهد: { وَجَعَلْتُ لَهُ مالاً مَمْدُوداً } قال: كان ماله ألف دينار.
حدثنا صالح بن مسمار المروزي، قال: ثنا الحارث بن عمران الكوفيّ، قال: ثنا محمد بن سوقة، عن سعيد بن جُبير، في قوله: { وَجَعَلْتُ لَهُ مالاً مَمْدُوداً } قال: ألف دينار.
وقال آخرون: كان ماله أربعة آلاف دينار.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان { وَجَعَلْتُ لَهُ مالاً مَمْدُوداً } قال: بلغني أنه أربعة آلاف دينار.
وقال آخرون: كان ماله أرضاً.
ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن المثنى، قال: ثني وهب بن جرير، قال: ثنا شعبة، عن النعمان بن سالم، في قوله: { وَجَعَلْتُ لَهُ مالاً مَمْدُوداً } قال: الأرض.
حدثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي، قال: ثنا وهب بن جرير، قال: ثنا شعبة، عن النعمان بن سالم مثله.
وقال آخرون: كان ذلك غلة شهر بشهر.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا زكريا بن يحيى بن أبي زائدة، قال: ثنا حلبس إمام مسجد ابن علية، عن ابن جريج، عن عطاء، عن عمر رضي الله عنه، في قوله: { وَجَعَلْتُ لَهُ مالاً مَمْدُوداً } قال: غلة شهر بشهر.
حدثني أبو حفص الحيري، قال: ثنا حلبس الضُّبَعي، عن ابن جريج، عن عطاء مثله، ولم يقل عن عمر.
حدثنا أحمد بن الوليد الرملي، قال: ثنا غالب بن حلبس، قال: ثنا أبي، عن ابن جريج، عن عطاء مثله، ولم يقل عن عمر.
حدثنا أحمد بن الوليد، قال: ثنا أبو بكر بن عياش، قال: ثنا حلبس بن محمد العجلي، عن ابن جريج عن عطاء، عن عمر مثله.
والصواب من القول في ذلك أن يقال كما قال الله: { وَجَعَلْتُ لَهُ مالاً مَمْدُوداً } وهو الكثير. الممدود عدده أو مساحته.