. يقول تعالى ذكره: فلم يصدّق بكتاب الله، ولم يصلّ له صلاة، ولكنه كذّب بكتاب الله، وتولى فأدبر عن طاعة الله. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { فلا صَدَّقَ وَلاَ صَلَّى } لا صدّق بكتاب الله، ولا صلى لله، { وَلَكِنْ كَذَّبَ وتَوَلَّى } كذّب بكتاب الله، وتولى عن طاعة الله.
وقوله { ثُمَّ ذَهَبَ إلى أهْلِهِ يَتَمَطَّى } يقول تعالى ذكره: ثم مضى إلى أهله منصرفاً إليهم، يتبختر في مشِيته. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { ثُمَّ ذَهَبَ إلى أهْلِهِ يَتَمَطَّى }: أي يتبختر.
حدثني سعيد بن عمرو السكوني، قال: ثنا بقية بن الوليد، عن ميسرة بن عبيد، عن زيد بن أسلم، في قوله: { ثُمَّ ذَهَبَ إلى أهْلِهِ يَتَمَطَّى } قال: يتبختر، قال: هي مشية بني مخزوم.
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، عن موسى بن عبيدة، عن إسماعيل بن أمية، عن مجاهد { ذَهَبَ إلى أهْلِهِ يَتَمَطَّى } قال: رأى رجلاً من قريش يمشي، فقال: هكذا كان يمشي كما يمشي هذا، كان يتبختر.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله { يَتَمَطَّى } قال: يتبختر وهو أبو جهل ابن هشام، كانت مِشيته.
وقيل: إن هذه الآ ية نزلت في أبي جهل.
ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: { يَتَمَطَّى } قال: أبو جهل.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: { فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى ثُمَّ ذَهَبَ إلى أهْلِهِ يَتَمَطَّى } قال: هذا في أبي جهل متبختراً.
وإنما عُني بقوله { يَتَمَطَّى } يلوي مطاه تبختراً، والمطا: هو الظهر، ومنه الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إذَا مَشَتْ أُمَّتِي المُطَيطَاءَ" وذلك أن يلقي الرجل بيديه ويتكفأ. وقوله { أوْلَى لَكَ فأَوْلَى ثُمَّ أوْلَى لَكَ فأَوْلَى } هذا وعيد من الله على وعيد لأبي جهل، كما:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { أوْلَى لَكَ فأَوْلَى ثُمَّ أوْلَى لَكَ فأَوْلَى } وعيد على وعيد، كما تسمعون، زعم أن هذا أنزل في عدوّ الله أبي جهل. ذُكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم أخذ بمجامع ثيابه فقال: { أَوْلَى لَكَ فأَوْلى ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فأَوْلَى } فقال عدوّ الله أبو جهل: أيوعدني محمد والله ما تستطيع لي أنت ولا ربك شيئاً والله لأنا أعزّ من مشى بين جبليها..
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، قال: أخذ النبيّ صلى الله عليه وسلم بيده، يعني بيد أبي جهل، فقال: { أوْلَى لَكَ فأَوْلَى ثُمَّ أوْلَى لكَ فأَوْلَى } فقال: يا محمد ما تستطيع أنت وربك فيّ شيئاً، إني لأعزّ من مشى بين جبليها فلما كان يوم بدر أشرف عليهم فقال: لا يُعبد الله بعد هذا اليوم، وضرب الله عنقه، وقتله شرّ قِتلة.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: { أوْلَى لَكَ فأَوْلَى ثُمَّ أوْلَى لَكَ فأَوْلى } قال: قال أبو جهل: إن محمداً ليوعدني، وأنا أعزّ أهل مكة والبطحاء، وقرأ
{ فَلْيَدْعُ نادِيَهُ سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ كَلاَّ لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ واقْتَرِبْ } . حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن موسى بن أبي عائشة، قال: قلت لسعيد بن جُبير: أشيء قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم من قِبَل نفسه، أم أمر أمره الله به؟ قال: بل قاله من قِبَل نفسه، ثم أنزل الله: { أوْلَى لَكَ فأَوْلَى ثُمَّ أوْلَى لَكَ فأَوْلَى }.
وقوله: { أيَحْسَبُ الإنْسانُ أنْ يُتْرَكَ سُدًى } يقول تعالى ذكره: أيظنّ هذا الإنسان الكافر بالله أن يترك هملاً، أن لا يؤمر ولا ينهى، ولا يتعبد بعبادة. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس قوله: { أيَحْسَبُ الإنْسانُ أنْ يُتْرَكَ سُدًى } يقول: هملاً.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: { أيَحْسَبُ الإنْسانُ أنْ يُتْرَكَ سُدًى } قال: لا يُؤمر، ولا يُنْهى.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: { أيَحْسَبُ الإنْسانُ أنْ يُتْرَكَ سُدًى } قال: السديّ: الذي لا يفترض عليه عمل ولا يعمل.