قوله: { ٱلْحَمْدُ للَّهِ } تعريف الحمد مع لام الاختصاص مشعران باختصاص جميع أفراد الحمد بالله سبحانه على ما تقدم تحقيقه في فاتحة الكتاب، والموصول في محل جرّ على النعت، أو البدل، أو النصب على الاختصاص، أو الرفع على تقدير مبتدأ. ومعنى { لَّهُ مَا فِي ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ }: أن جميع ما هو فيها في ملكه، وتحت تصرفه يفعل به ما يشاء، ويحكم فيه بما يريد، وكل نعمة واصلة إلى العبد، فهي مما خلقه له، ومنّ به عليه، فحمده على ما في السمٰوات والأرض هو: حمد له على النعم التي أنعم بها على خلقه مما خلقه لهم. ولما بين: أن الحمد الدنيوي من عباده الحامدين له مختص به بيّن أن الحمد الأخروي مختصّ به كذلك، فقال: { وَلَهُ ٱلْحَمْدُ فِى ٱلأَخِرَةِ }، وقوله: { له } متعلق بنفس الحمد، أو بما تعلق به خبر الحمد أعني: في الآخرة، فإنه متعلق بمتعلق عام هو: الاستقرار، أو نحوه، والمعنى: أن له سبحانه على الاختصاص حمد عباده الذين يحمدونه في الدار الآخرة إذا دخلوا الجنة، كما في قوله:
{ { وَقَـالُواْ ٱلْحَـمْدُ للَّهِ ٱلَّذِى صَدَقَنَا وَعْدَهُ } [الزمر: 74] وقوله: { { ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِى هَدَانَا لِهَـٰذَا } [الأعراف: 43]، وقوله: { { ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِى أَذْهَبَ عَنَّا ٱلْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ } [فاطر: 34] وقوله: { { ٱلَّذِى أَحَلَّنَا دَارَ ٱلْمُقَامَةِ مِن فَضْلِهِ } [فاطر: 35]، وقوله: { { وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } [يونس: 10]، فهو سبحانه المحمود في الآخرة كما أنه المحمود في الدنيا، وهو: المالك للآخرة كما أنه المالك للدنيا { وَهُوَ ٱلْحَكِيمُ } الذي أحكم أمر الدارين { ٱلْخَبِيرُ } بأمر خلقه فيهما قيل: والفرق بين الحمدين: أن الحمد في الدنيا عباده، وفي الآخرة تلذذ، وابتهاج، لأنه قد انقطع التكليف فيها. ثم ذكر سبحانه بعض ما يحيط به علمه من أمور السمٰوات، والأرض، فقال: { يَعْلَمُ مَا يَلْجُ فِى ٱلأَرْضِ } أي: ما يدخل فيها من مطر، أو كنز، أو دفين { وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا } من زرع، ونبات، وحيوان { وَمَا يَنزِلُ مِنَ ٱلسَّمَاء } من الأمطار، والثلوج، والبرد، والصواعق، والبركات، ومن ذلك ما ينزل منها من ملائكته، وكتبه إلى أنبيائه { وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا } من الملائكة، وأعمال العباد. قرأ الجمهور: { ينزل } بفتح الياء، وتخفيف الزاي مسنداً إلى { ما }، وقرأ عليّ بن أبي طالب، والسلمي بضم الياء وتشديد الزاي مسنداً إلى الله سبحانه { وَهُوَ ٱلرَّحِيمُ } بعباده { ٱلْغَفُورُ } لذنوبهم.
{ وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لاَ تَأْتِينَا ٱلسَّاعَةُ } المراد بهؤلاء القائلين جنس الكفرة على الإطلاق، أو كفار مكة على الخصوص، ومعنى { لا تأتينا الساعة }: أنها لا تأتي بحال من الأحوال، إنكاراً منهم لوجودها لا لمجرد إتيانها في حال تكلمهم، أو في حال حياتهم مع تحقق وجودها فيما بعد، فردّ الله عليهم، وأمر رسوله أن يقول لهم: { قُلْ بَلَىٰ وَرَبّى لَتَأْتِيَنَّكُمْ }، وهذا القسم لتأكيد الإتيان، قرأ الجمهور: { لتأتينكم } بالفوقية، أي الساعة، وقرأ طلق المعلم بالتحتية على تأويل الساعة باليوم، أو الوقت. قال طلق: سمعت أشياخنا يقرءون بالياء: يعني: التحتية على المعنى، كأنه قال: ليأتينكم البعث، أو أمره كما قال:
{ { هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمُ ٱلْمَلـٰئِكَةُ أَوْ يَأْتِىَ أَمْرُ رَبّكَ } [النحل: 33]. قرأ نافع، وابن عامر: { عَـٰلِمُ ٱلْغَيْبِ } بالرفع على أنه مبتدأ، وخبره: { لا يعزب }، أو على تقدير مبتدأ، وقرأ عاصم، وابن كثير، وأبو عمرو بالجرّ على أنه نعت لربي، وقرأ حمزة، والكسائي: (علام) بالجرّ مع صيغة المبالغة، ومعنى: { لاَ يَعْزُبُ }: لا يغيب عنه، ولا يستتر عليه، ولا يبعد { عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَلاَ فِى ٱلأَرْضِ وَلاَ أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ } المثقال { وَلا أَكْبَرَ } منه { إِلاَّ فِى كِتَـٰبٍ مُّبِينٍ }، وهو: اللوح المحفوظ. والمعنى: إلاّ وهو مثبت في اللوح المحفوظ الذي اشتمل على معلومات الله سبحانه، فهو مؤكد لنفي العزوب. قرأ الجمهور: { يعزب } بضم الزاي، وقرأ يحيـى بن وثاب بكسرها. قال الفراء: والكسر أحبّ إليّ، وهما لغتان، يقال: عزب يعزب بالضم، ويعزب بالكسر إذا بعد، وغاب. وقرأ الجمهور: { ولا أصغر }، ولا { أكبر } بالرفع على الابتداء، والخبر: { إلاّ في كتاب }، أو على العطف على { مثقال }، وقرأ قتادة، والأعمش بنصبهما عطفاً على { ذرّة }، أو على أن لا هي لا التبرئة التي يبنى اسمها على الفتح. واللام في { لِّيَجْزِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } للتعليل لقوله: { لتأتينكم } أي: إتيان الساعة فائدته جزاء المؤمنين بالثواب، والكافرين بالعقاب، والإشارة بقوله: { أُوْلَـٰئِكَ } إلى الموصول، أي: أولئك الذين آمنوا، وعملوا الصالحات { لَهُم مَّغْفِرَةٌ } لذنوبهم { وَرِزْقٌ كَرِيمٌ }، وهو الجنة بسبب إيمانهم، وعملهم الصالح مع التفضل عليهم من الله سبحانه. ثم ذكر فريق الكافرين الذين يعاقبون عند إتيان الساعة، فقال: { وَٱلَّذِينَ سَعَوْاْ فِى ءايَـٰتِنَا مُعَـٰجِزِينَ } أي: سعوا في إبطال آياتنا المنزلة على الرسل، وقدحوا فيها، وصدّوا الناس عنها، ومعنى { معاجزين }: مسابقين يحسبون، أنهم يفوتوننا، ولا يدركون، وذلك باعتقادهم: أنهم لا يبعثون، يقال: عاجزه، وأعجزه: إذا غالبه، وسبقه. قرأ الجمهور: { معاجزين }، وقرأ ابن كثير، وابن محيصن، وحميد، ومجاهد، وأبو عمرو: «معجزين» أي مثبطين للناس عن الإيمان بالآيات { أُوْلَـٰئِكَ } أي: الذين سعوا { لَهُمْ عَذَابٌ مّن رّجْزٍ } الرجز هو: العذاب، فمن للبيان، وقيل: الرجز هو: أسوأ العذاب، وأشدّه، والأوّل أولى. ومن ذلك قوله:
{ { فَأَنزَلْنَا عَلَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجْزًا مّنَ ٱلسَّمَاء } [البقرة: 59]. قرأ الجمهور: "أَلِيمٌ" بالجرّ صفة لرجز. وقرأ ابن كثير، وحفص عن عاصم بالرفع صفة لعذاب، والأليم الشديد الألم. { وَيَرَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ ٱلَّذِى أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبّكَ هُوَ ٱلْحَقَّ } لما ذكر الذين سعوا في إبطال آيات الله ذكر الذين يؤمنون بها، ومعنى { وَيَرَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ } أي: يعلمون، وهم الصحابة. وقال مقاتل: هم: مؤمنو أهل الكتاب. وقيل: جميع المسلمين، والموصول هو المفعول الأوّل ليرى، والمفعول الثاني الحقّ، والضمير هو: ضمير الفصل. وبالنصب قرأ الجمهور، وقرأ ابن أبي عبلة بالرفع على أنه خبر الضمير، والجملة في محل نصب على أنها المفعول الثاني، وهي لغة تميم، فإنهم يرفعون ما بعد ضمير الفصل، وزعم الفرّاء: أن الاختيار الرفع، وخالفه غيره، وقالوا: النصب أكثر. قيل: وقوله: { يَرَىٰ } معطوف على { ليجزي }، وبه قال الزجاج، والفراء، واعترض عليهما بأن قوله: { لِيَجْزِىَ } متعلق بقوله: { لَتَأْتِيَنَّكُمْ } ولا يقال: لتأتينكم الساعة ليرى الذين أوتوا العلم أن القرآن حق، والأولى أنه كلام مستأنف لدفع ما يقوله الذين سعوا في الآيات، أي: إن ذلك السعي منهم يدلّ على جهلهم؛ لأنهم مخالفون لما يعلمه أهل العلم في شأن القرآن { وَيَهْدِى إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَمِيدِ } معطوف على: { الحقّ } عطف فعل على اسم، لأنه في تأويله كما في قوله:
{ { صَــٰفَّـٰتٍ وَيَقْبِضْنَ } [الملك: 19] أي: وقابضات، كأنه قيل: وهادياً. وقيل: إنه مستأنف، وفاعله ضمير يرجع إلى فاعل أنزل، وهو: القرآن. والصراط: الطريق، أي: ويهدي إلى طريق { ٱلْعَزِيزُ } في ملكه { ٱلْحَمِيدِ } عند خلقه، والمراد: أنه يهدي إلى دين الله، وهو: التوحيد. ثم ذكر سبحانه نوعاً آخر من كلام منكري البعث، فقال: { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } أي: قال بعض لبعض: { هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ }. يعنون: محمداً صلى الله عليه وسلم أي: هل نرشدكم إلى رجل { يُنَبّئُكُمْ } أي: يخبركم بأمر عجيب، ونبأ غريب هو: أنكم { إِذَا مُزّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ } أي: فرقتم كل تفريق، وقطعتم كل تقطيع، وصرتم بعد موتكم رفاتاً وتراباً { إِنَّكُمْ لَفِى خَلْقٍ جَدِيدٍ } أي: تخلقون خلقاً جديداً، وتبعثون من قبوركم أحياء، وتعودون إلى الصور التي كنتم عليها، قال هذا القول بعضهم لبعض استهزاء بما وعدهم الله على لسان رسوله من البعث. وأخرجوا الكلام مخرج التلهي به، والتضاحك مما يقوله من ذلك، «وإذا» في موضع نصب بقوله: { مزقتم }. قال النحاس: ولا يجوز: أن يكون العامل فيها ينبئكم، لأنه ليس يخبرهم ذلك الوقت. ولا يجوز: أن يكون العامل فيها ما بعد إنّ؛ لأنه لا يعمل فيما قبلها. وأجاز الزجاج: أن يكون العامل فيها محذوفاً، والتقدير: إذا مزّقتم كل ممزّق بعثتم، أو نبئتم بأنكم تبعثون إذا مزقتم، وقال المهدوي: لا يجوز أن يعمل فيه مزقتم؛ لأنه مضاف إليه، والمضاف إليه لا يعمل في المضاف. وأصل المزق خرق الأشياء، يقال: ثوب مزيق، وممزق، ومتمزق، وممزوق.
ثم حكى سبحانه عن هؤلاء الكفار: أنهم ردّدوا ما وعدهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم من البعث بين أمرين، فقالوا: { أَفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أَم بِهِ جِنَّةٌ } أي: أهو كاذب فيما قاله أم به جنون بحيث لا يعقل ما يقوله، والهمزة في أفترى هي: همزة الاستفهام، وحذفت لأجلها همزة الوصل كما تقدّم في قوله:
{ { أَطَّلَعَ ٱلْغَيْبَ } [مريم: 78]، ثم ردّ عليهم سبحانه ما قالوه في رسوله، فقال: { بَلِ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلأَخِرَةِ فِى ٱلْعَذَابِ وَٱلضَّلَـٰلِ ٱلْبَعِيدِ } أي ليس الأمر كما زعموا، بل هم الذين ضلوا عن الفهم، وإدراك الحقائق، فكفروا بالآخرة، ولم يؤمنوا بما جاءهم به، فصاروا بسبب ذلك في العذاب الدائم في الآخرة، وهم اليوم في الضلال البعيد عن الحق غاية البعد. ثم وبخهم سبحانه بما اجتر عليه من التكذيب مبيناً لهم أن ذلك لم يصدر منهم إلاّ لعدم التفكر، والتدبر في خلق السماء والأرض، وأن من قدر على هذا الخلق العظيم لا يعجزه أن يبعث من مخلوقاته ما هو دون ذلك، ويعيده إلى ما كان عليه من الذات والصفات، ومعنى { إِلَىٰ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ }: أنهم إذا نظروا رأوا السماء خلفهم، وقدّامهم، وكذلك إذا نظروا في الأرض رأوها خلفهم، وقدّامهم، فالسماء والأرض محيطتان بهم، فهو: القادر على أن ينزل بهم ما شاء من العذاب بسبب كفرهم، وتكذيبهم لرسوله، وإنكارهم للبعث، فهذه الآية اشتملت على أمرين: أحدهما: أن هذا الخلق الذي خلقه الله من السماء، والأرض يدلّ على كمال القدرة على ما هو دونه من البعث كما في قوله:
{ { أَوَ لَيْسَ ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ بِقَـٰدِرٍ عَلَىٰ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم } [يسۤ: 81]. والأمر الآخر: التهديد لهم بأن من خلق السماء، والأرض على هذه الهيئة التي قد أحاطت بجميع المخلوقات فيهما قادر على تعجيل العذاب لهم { إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ ٱلأَرْضَ } كما خسف بقارون { أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً } أي: قطعاً { مّنَ ٱلسَّمَاء } كما أسقطها على أصحاب الأيكة، فكيف يأمنون ذلك. قرأ الجمهور: { إن نشأ } بنون العظمة، وكذا (نخسف)، (ونسقط). وقرأ حمزة، والكسائي بالياء التحتية في الأفعال الثلاثة؛ أي: إن يشأ الله. وقرأ الكسائي وحده بإدغام الفاء في الباء في: { نخسف بهم }. قال أبو علي الفارسي: وذلك غير جائز؛ لأن الفاء من باطن الشفة السفلى، وأطراف الثنايا العليا بخلاف الباء، وقرأ الجمهور: { كسفا } بسكون السين. وقرأ حفص، والسلمي بفتحها. { إِنَّ فِى ذَلِكَ } المذكور من خلق السماء والأرض { لآيَةً } واضحة دلالة بينة { لّكُلّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ } أي: راجع إلى ربه بالتوبة، والإخلاص، وخصّ المنيب؛ لأنه المنتفع بالتفكر. وقد أخرج ابن أبي حاتم عن السدّي في قوله: { يَعْلَمُ مَا يَلْجُ فِى ٱلأَرْضِ } قال: من المطر { وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا } قال: من النبات { وَمَا يَنزِلُ مِنَ ٱلسَّمَاء } قال: من الملائكة { وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا } قال: الملائكة، وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: { مّن رّجْزٍ أَلِيمٌ } قال: الرجز هو: العذاب الأليم الموجع، وفي قوله: { وَيَرَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ } قال: أصحاب محمد. وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في الآية قال: يعني: المؤمنين من أهل الكتاب. وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ } قال: قال ذلك مشركو قريش { إِذَا مُزّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ } يقول: إذا أكلتكم الأرض، وصرتم رفاتاً وعظاماً، وتقطعتكم السباع، والطير { إِنَّكُمْ لَفِى خَلْقٍ جَدِيدٍ } إنكم ستحيون، وتبعثون، قالوا ذلك تكذيباً به { أَفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أَم بِهِ جِنَّةٌ } قال: قالوا: إما أن يكون يكذب على الله، وإما أن يكون مجنوناً { أَفَلَمْ يَرَوْاْ إِلَىٰ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مّنَ ٱلسَّمَاء وَٱلأَرْضِ } قالوا: إنك إن نظرت عن يمينك، وعن شمالك، ومن بين يديك، ومن خلفك رأيت السماء والأرض { إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ ٱلأَرْضَ } كما خسفنا بمن كان قبلهم { أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مّنَ ٱلسَّمَاء } أي: قطعاً من السماء إن يشأ أن يعذب بسمائه فعل، وإن يشأ أن يعذب بأرضه فعل، وكل خلقه له جند { إِنَّ فِى ذَلِكَ لأَيَةً لّكُلّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ } قال: تائب مقبل إلى الله.