التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي ٱلسَّمَآءِ
٢٤
تُؤْتِيۤ أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ
٢٥
وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ ٱجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ ٱلأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ
٢٦
يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱلْقَوْلِ ٱلثَّابِتِ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَفِي ٱلآخِرَةِ وَيُضِلُّ ٱللَّهُ ٱلظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ
٢٧
أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ ٱلْبَوَارِ
٢٨
جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ ٱلْقَرَارُ
٢٩
وَجَعَلُواْ لِلَّهِ أَندَاداً لِّيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُواْ فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى ٱلنَّارِ
٣٠
-إبراهيم

أيسر التفاسير

شرح الكلمات:
كلمة طيبة: هي لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
كشجرة طيبة: هي النخلة.
كلمة خبيثة: هي كلمة الكفر.
كشجرة خبيثة: هي الحنظل.
اجتثت: أي اقتلعت جثتها أي جسمها وذاتها.
بالقول الثابت: هو لا إله إلا الله.
وفي الآخرة: أي في القبر فيجيب الملكين عما يسألانه عنه حيث يسالانه عن ربه ودينه ونبيه.
بدلوا نعمة الله كفراً: أي بدلوا التوحيد والإِسلام بالجحود والشرك.
دار البوار: أي جهنم.
وجعلوا لله أندادا: أي شركاء.
معنى الآيات:
الآيات في تقرير التوحيد والبعث والجزاء، قوله تعالى: { أَلَمْ تَرَ } أيها الرسول أي ألم تعلم { كَيْفَ ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً } هي كلمة الإِيمان يقولها المؤمن { كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ } وهي النخلة { أَصْلُهَا ثَابِتٌ } في الأرض { وَفَرْعُهَا } عال { فِي ٱلسَّمَآءِ }، { تُؤْتِيۤ أُكُلَهَا } تعطي أكلها أي ثمرها الذي يؤكل منها كل حين بلحا وبُسْراً ومُنَصَّفاً ورطباً وتمراً وفي الصباح والمساء { بِإِذْنِ رَبِّهَا } أي بقدرته وتسخيره فكلمة الإِيمان لا إله إلا الله محمد رسول الله تثمر للعبد أعمالاً صالحة كل حين فهي في قلبه والأعمال الصالحة الناتجة عنها ترفع إلى الله عز وجل، وقوله تعالى: { وَيَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } أي كما ضرب هذا المثال للمؤمن والكافر في هذا السياق يضرب الأمثال للناس مؤمنهم وكافرهم لعلهم يتذكرون أي رجاء أن يتذكروا فيتعظوا فيؤمنوا ويعملوا الصالحات فينجوا من عذاب الله، وقوله: { وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ } هي كلمة الكفر في قلب الكافر { كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ } هي الحنظل مُرَّة ولا خير فيها ولا أصل لها ثابت ولا فرع لها في السماء { ٱجْتُثَّتْ } أي اقتلعت واستؤصلت { مِن فَوْقِ ٱلأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ } أي لاثبات لها ولا تثمر إلا ما فيها من مرارة وسوء طعم وعدم بركة وقوله تعالى: { يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱلْقَوْلِ ٱلثَّابِتِ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَفِي ٱلآخِرَةِ } هذا وعد من الله تعالى لعباده المؤمنين الصادقين بأنه يثبتهم على الإِيمان مهما كانت الفتن والمحن حتى يموتوا على الإِيمان { وَفِي ٱلآخِرَةِ } أي في القبر إذ هو عتبة الدار الآخرة عندما يسألهم الملكان عن الله وعن الدين والنبي من ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟ فيثبتهم بالقول الثابت وهو الإِيمان وأصله لا إله إلا الله محمد رسول الله والعمل الصالح الذي هو الإِسلام وقوله تعالى: { وَيُضِلُّ ٱللَّهُ ٱلظَّالِمِينَ } مقابل هداية المؤمنين فلا يوفقهم للقول الثابت حتى يموتوا على الكفر فيهلكوا ويخسروا، وذلك لإصرارهم على الشرك ودعوتهم إليه وظلم المؤمنين وأذيتهم من أجل إيمانهم، وقوله تعالى: { وَيَفْعَلُ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ } تقرير لإِرادته الحرة فهو عز وجل يثبت من يشاء ويضل من يشاء فلا اعتراض عليه ولا نكير مع العلم أنه يهدي ويضل بحكم عالية تجعل هدايته كإضلاله رحمة وعدلاً.
وقوله تعالى: { أَلَمْ تَرَ } أي ألم ينته إلى علمك أيها الرسول { إِلَى ٱلَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ } التي هي الإِسلام الذي جاءهم به رسول الله بما فيه من الهدى والخير فكذبوا رسول الله وكذبوا بما جاء به ورضوا بالكفر وأنزلوا بذلك قومهم الذين يحثونهم على الكفر ويشجعونهم على التكذيب أنزلوهم { دَارَ ٱلْبَوَارِ } فهلك من هلك في بدر كافراً إلى جهنم، ودار البوار هي جهنم يصلونها أي يحترقون بحرها ولهيبها { وَبِئْسَ ٱلْقَرَارُ } أي المقر الذي أحلوا قومهم فيه، وقوله تعالى: { وَجَعَلُواْ لِلَّهِ أَندَاداً لِّيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِهِ } أي جعل أولئك الذين بدلوا نعمة الله كفراً وهو كفار مكة لله أنداداً أي شركاء عبدوها وهي اللاَّتَ والعُزَّى وهُبل ومَناة وغيرها من آلهتهم الباطلة، جعلوا هذه الأنداد ودعوا إلى عبادتها ليضلوا ويضلوا غيرهم عن سبيل الله التي هي الإِسلام الموصل إلى رضا الله تعالى وجواره الكريم، وقوله تعالى: { قُلْ تَمَتَّعُواْ } أي بما أنتم فيه من متاع الحياة الدنيا { فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ } أي نهاية أمركم { إِلَى ٱلنَّارِ } حيث تصيرون إليها بعد موتكم إن أصررتم على الشرك والكفر حتى متم على ذلك.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1- استحسان ضرب الأمثال لتقريب المعاني إلى الأذهان.
2- المقارنة بين الإِيمان والكفر، وكلمة التوحيد وكلمة الكفر وما يثمره كل واحد من هذه الأصناف من خير وشر.
3- بشرى المؤمن بتثبيت الله تعالى له على إيمانه حتى يموت مؤمناً وبالنجاة من عذاب القبر حيث يجيب منكراً ونكيراً على سؤالهما إياه بتثبيت الله تعالى له.
4- الأمر في قوله تعالى تمتعوا ليس للإِباحة ولا للوجوب وإنما هو للتهديد والوعيد.