شرح الكلمات:
هذا البلد آمنا: أي اجعل مكة بلداً آمناً يأمن كل من دخله.
واجنبني: بَعِّدْني.
أن نعبد الأصنام: عن أن نعبد الأصنام.
أضللن كثيراً من الناس: أي بعبادتهم لها.
من تبعني فإنه مني: أي من اتبعني على التوحيد فهو من أهل ملتي وديني.
من ذريتي: أي من بعض ذريتي وهو إسماعيل عليه السلام وأمه هاجر.
بواد غير ذي زرع: أي مكة إذ لا مزارع فيها ولا حولها يومئذ.
تهوي إليهم: تَحِنُّ إليهم وتميل رغبة في الحج والعمرة.
على الكبر إسماعيل وإسحاق: أي مع الكبر إذ كانت سنه يومئذ تسعاً وتسعين سنة وولد له إسحاق وسنه مائة واثنتا عشرة سنة.
ولوالدي: هذا قبل أن يعرف موت والده على الشرك.
يوم يقوم الحساب: أي يوم يقوم الناس للحساب.
معنى الآيات:
ما زال السياق في تقرير التوحيد والنبوة والبعث والجزاء وقد تضمنت هذه الآيات ذلك، فقوله تعالى: { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ } أي اذكر إذ قال إبراهيم فكيف يذكر ما لم يوح الله تعالى إليه بذلك ففسر هذا نبوة رسول الله ونزول الوحي إليه، وقوله: { رَبِّ ٱجْعَلْ هَـٰذَا ٱلْبَلَدَ ءَامِناً } أي ذا أمن فيأمن من دخله على نفسه وماله والمراد من البلد مكة.
وقوله: { وَٱجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ ٱلأَصْنَامَ } فيه تقرير للتوحيد الذي هو عبادة الله وحده ومعنى اجنبني أبعدني أنا وأولادي وأحفادي وقد استجاب الله تعالى له فلم يكن في أولاده وأولاد أولاده مشرك، وقوله: { رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِّنَ ٱلنَّاسِ } تعليل لسؤاله ربه أن يجنبه وبنيه عبادتها، واضلال الناس كان بعبادتهم لها فضلوا في أودية الشرك، وقوله: { فَمَن تَبِعَنِي } أي من أولادي { فَإِنَّهُ مِنِّي } أي على ملتي وديني، { وَمَنْ عَصَانِي } فلم يتبعني على ملة الإِسلام إن تعذبه فذاك وإن تغفر له ولم تعذبه { فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }، وقوله: { رَّبَّنَآ إِنَّيۤ أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي } أي من بعض ذريتي وهو إسماعيل مع أمه هاجر { بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ } هو مكة إذ ليس فيها ولا حولها زراعة يومئذ وإلى آماد بعيدة وأزمنة عديدة { عِندَ بَيْتِكَ ٱلْمُحَرَّمِ } قال هذا بإعلام من الله تعالى له أنه سيكون له بيت في هذ الوادي ومعنى المحرم أي الحرام وقد حرمه تعالى فمكة حرام إلى يوم القيامة لا يُصاد صيدها ولا يُختلي خلاها ولا تُسفك فيها دماء ولا يحل فيها قتال، وقوله: { رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ فَٱجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ ٱلنَّاسِ تَهْوِىۤ إِلَيْهِمْ } هذا دعاء بأن ييسر الله تعالى عيش سكان مكة ليعبدوا الله تعالى فيها بإقام الصلاة، فإن قلوب بعض الناس عندما تهفوا إلى مكة وتميل إلى الحج والعمرة تكون سبباً في نقل الأرزاق والخيرات إلى مكة، وقوله: { وَٱرْزُقْهُمْ مِّنَ ٱلثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ } دعاء آخر بأن يرزق الله بنيه من الثمرات ليشكروا الله تعالى على ذلك فوجود الأرزاق والثمرات موجبة للشكر، إذ النعم تقتضي شكراً، وقوله: { رَبَّنَآ إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَىٰ عَلَى ٱللَّهِ مِن شَيْءٍ فَي ٱلأَرْضِ وَلاَ فِي ٱلسَّمَآءِ } أراد به أن ما سأل ربه فيه من كل ما سأل إنما هو من باب إظهار العبودية لله والتخشع لعظمته والتذلل لعزته والافتقار إلى ما عنده، وإلا فالله أعلم بحاله وما يصلحه هو وبنيه، وما هم في حاجة إليه لأنه تعالى يعلم كل شيء ولا يخفى عنه شيء في الأرض ولا في السماء.. وقوله: { ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى ٱلْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ ٱلدُّعَآءِ } أراد به حمد الله وشكره على ما أنعم به عليه حيث رزقه إسماعيل وإسحاق على كبر سنه، والإعلام بأن الله تعالى سميع دعاء من يدعوه وينيب إليه، وقوله: { رَبِّ ٱجْعَلْنِي مُقِيمَ ٱلصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَتِي } أيضاً من يقيم الصَّلاة، لأن الصلاة هي علة الحياة كلها إذ هي الذكر والشكر فمتى أقام العبد الصلاة فأداها بشروطها وأركانها كان من الذاكرين الشاكرين، ومتى تركها العبد كان من الناسين الغافلين وكان من الكافرين، وأخيراً ألحَّ على ربه في قبول دعائه وسأل المغفرة له ولوالديه وللمؤمنين يوم يقوم الناس للحساب وذلك يوم القيامة.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
1- فضل مكة وشرفها وأنها حرم آمن أي ذو أمن.
2- الخوف من الشرك لخطره وسؤال الله تعالى الحفظ من ذلك.
3- علاقة الإِيمان والتوحيد أولى من علاقة الرحم والنسب.
4- أهمية إقام الصلاة وأن من لم يرد أن يصلي لا حق له في الغذاء ولذا يُعدم إن أصر على ترك الصلاة.
5- بيان استجابة دعاء إبراهيم عليه السلام فيما سأل ربه تعالى فيه.
6- وجوب حمد الله وشكره على ما ينعم به على عبده.
7- مشروعية الاستغفار للنفس وللمؤمنين والمؤمنات.
8- تقرير عقيدة البعث والحساب والجزاء.