التفاسير

< >
عرض

وَجَآءَ أَهْلُ ٱلْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ
٦٧
قَالَ إِنَّ هَؤُلآءِ ضَيْفِي فَلاَ تَفْضَحُونِ
٦٨
وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلاَ تُخْزُونِ
٦٩
قَالُواْ أَوَ لَمْ نَنْهَكَ عَنِ ٱلْعَالَمِينَ
٧٠
قَالَ هَؤُلآءِ بَنَاتِي إِن كُنْتُمْ فَاعِلِينَ
٧١
لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ
٧٢
فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ
٧٣
فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ
٧٤
إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ
٧٥
وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُّقِيمٍ
٧٦
إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ
٧٧
وَإِن كَانَ أَصْحَابُ ٱلأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ
٧٨
فَٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ
٧٩
-الحجر

أيسر التفاسير

شرح الكلمات:
وجاء أهل المدينة يستبشرون: أي مدينة سدُوم، أي فرحين بإتيانهم الفاحشة.
واتقوا الله ولا تخزون: أي لا تذلوني في انتهاك حرمة ضيفي.
أولم ننهك عن العالمين: أي عن إجارتك لهم واستضافتك.
لفي سكرتهم يعمهون: أي غوايتهم، وشدة غُلْمتهم التي أزالت عقولهم، يترددون.
مشرقين: أي وقت شروق الشمس.
من سجيل: أي طين طُبِخَ بالنار.
لآيات للمتوسمين: أي الناظرين المعتبرين.
لبسبيل مقيم: أي طريق قريش إلى الشام مقيم دائم ثابت.
أصحاب الأيكة: أي قوم شعيب عليه السلام، والأيكة غيضة شجر بقرب مدين.
وإنهما لبإمام مبين: أي قوم لوط، وأصحاب الأيكة لبطريق مبين واضح.
معنى الآيات:
ما زال السياق مع لوط عليه السلام وضيفه من الملائكة من جهة، وقوم لوط من جهة، قال تعالى: { وَجَآءَ أَهْلُ ٱلْمَدِينَةِ } أي مدينة سدُوم وأهلها سكانها من اللوطيين، وقوله { يَسْتَبْشِرُونَ } أي فرحين مسرورين لطمعهم في إتيان الفاحشة، فقال لهم لوط ما أخبر الله تعالى به: { قَالَ إِنَّ هَؤُلآءِ } يشير إلى الملائكة { ضَيْفِي فَلاَ تَفْضَحُونِ } أي فيه أي بطلبكم الفاحشة، { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } أي خافوه { وَلاَ تُخْزُونِ } أي تهينوني وتذلوني. فأجابوا بما أخبر تعالى به عنهم: { قَالُواْ أَوَ لَمْ نَنْهَكَ عَنِ ٱلْعَالَمِينَ } أي أتقول ما تقول ولم تذكر أنا نهيناك عن استضافة أحد من الناس أو تجيره، فأجابهم لوط عليه السلام بما أخبر تعالى به عنه: { قَالَ هَؤُلآءِ بَنَاتِي إِن كُنْتُمْ فَاعِلِينَ } أي هؤلاء بناتي فتزوجوهن إن كنتم فاعلين ما آمركم به أو أرشدكم إليه. وقوله تعالى: { لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ } أي وحياتك يا رسولنا، إنهم أي قوم لوط { لَفِي سَكْرَتِهِمْ } غوايتهم التي أذهبت عقولهم فهبطوا إلى درك أسفل من درك الحيوان، { يَعْمَهُونَ } أي حيارى يترددون، { فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ } أي صيحة جبريل عليه السلام مشرقين مع إشراق الشمس. وقوله تعالى { وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ } فوق ذلك { حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ } أي من طين مطبوخ بالنار.. وقوله تعالى: { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ } أي إن في ذلك المذكور من تدمير مدن كاملة بما فيها لآيات وعبر وعظات للمتوسمين أي الناظرين نظر تفكر وتأمل لمعرفة الأشياء بسماتها وعلاماتها. وقوله تعالى: { وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُّقِيمٍ } أي وإن تلك القرى الهالكة لبطريق ثابت باق يمر به أهل مكة في أسفارهم إلى الشام. وقوله: { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ } أي لعبرة للمؤمنين فلا يقدمون على محارم الله، ولا يرتكبون معاصيه. وقوله تعالى: { وَإِن كَانَ أَصْحَابُ ٱلأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ }. هذه إشارة خاطفة إلى قصة شعيب عليه السلام مع قومه أصحاب الأيكة، والأيكة الفيضة من الشجر الملتف.. وكانت منازلهم بها وكانوا مشركين وهو الظلم في قوله { وَإِن كَانَ أَصْحَابُ ٱلأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ } لأنفسهم بعبادة غير الله تعالى، وقوله تعالى: { فَٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ } أي أهلكناهم بحر شديد يوم الظله وسيأتي الحديث عنهم في سورة الشعراء قال تعالى هناك فأخذهم عذاب يوم الظله إنه كان عذاب يوم عظيم. وقوله: { وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ } الإمام الطريق لأن الناس يمشون فيه وهو أمامهم، ومبين واضح. والضمير في قوله وإنهما عائد على قوم لوط، وقوم شعيب وهم أصحاب الأيكة لا أصحاب مدين لأنه أرسل إلى أصحاب الأيكة وإلى أهل مدين، والطريق طريق قريش إلى الشام، والقصد من ذكر هذا وعظ قريش وتذكرهم، فهل يتعظون ويتذكرون؟
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1- بيان إهلاك قوم لوط.
2- إنكار الفاحشة وأنها أقبح فاحشة تعرفها الإِنسانية هي إتيان الذكور.
3- بيان دفاع لوط عليه السلام عن ضيفه حتى فداهم ببناته.
4- شرف النبي صلى الله عليه وسلم حيث أقسم الله تعالى بحياته في قوله { لَعَمْرُكَ }.
5- الحث على نظر التفكير والإِعتبار والتفرس فإنه أنفع للعقل البشري.
6- بيان نقمة الله تعالى من الظالمين للاعتبار والإِتعاظ.
7- تقرير نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم إذ مثل هذه الأخبار لن تكون إلا عن وحي إلهي.