التفاسير

< >
عرض

وَٱلْخَيْلَ وَٱلْبِغَالَ وَٱلْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ
٨
وَعَلَىٰ ٱللَّهِ قَصْدُ ٱلسَّبِيلِ وَمِنْهَا جَآئِرٌ وَلَوْ شَآءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ
٩
هُوَ ٱلَّذِي أَنْزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاءِ مَآءً لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ
١٠
يُنبِتُ لَكُمْ بِهِ ٱلزَّرْعَ وَٱلزَّيْتُونَ وَٱلنَّخِيلَ وَٱلأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ
١١
وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلَّيلَ وَٱلْنَّهَارَ وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ وَٱلْنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ
١٢
وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ
١٣
-النحل

أيسر التفاسير

شرح الكلمات:
ويخلق ما لا تعلمون: من سائر الحيوانات ومن ذلك السيارات والطائرات والقطر.
وعلى الله قصد السبيل: أي تفضلاً منه وامتناناً ببيان السبيل القاصده وهي الإِسلام.
ومنها جائر: أي عادل عن القصد وهو سائر الملل كاليهودية والنصرانية.
ومنه شجر: أي وبسببه يكون الشجر وهو هنا عام في سائر النباتات.
فيه تسيمون: ترعون مواشيكم.
مسخراتٍ بأمره: أي بإذنه وقدرته.
وما ذرأ لكم في الأرض: أي خلق لكم في الأرض من الحيوان والنباتات المختلفة.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في تقرير التوحيد بذكر مظاهر قدرة الله وعلمه وحكمته ورحمته إذ قال تعالى: { وَٱلْخَيْلَ وَٱلْبِغَالَ وَٱلْحَمِيرَ } أي خلقها وهو خالق كل شيء لعله ركوبهم إياها إذ قال: { لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً } أي ولأجل أن تكون زينةً لكم في حياتكم وقوله { وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } أي مما هو مركوب وغير مركوب من مخلوقات عجيبة ومن المركوب هذه السيارات على اختلافها والطائرات والقطر السريعة والبطيئة هذا كله إفضاله وإنعامه على عباده فهل يليق بهم أن يكفروه ولا يشكروه؟ وهل يليق بهم أن يشركوا في عبادته سواه. وقوله { وَعَلَىٰ ٱللَّهِ قَصْدُ ٱلسَّبِيلِ } ومن إفضاله وإنعامه الموجب لشكره ولعبادته دون غيره أن بين السبيل القاصد الموصل إلى رضاه وهو الإِسلام، في حين أن ما عدا الإِسلام من سائر الملل كاليهودية والنصرانية والمجوسية وغيرها سبل جائره عن العدل والقصد سالكوها ضالون غير مهتدين إلى كمال ولا إلى إسعاد هذا معنى قوله تعالى { وَعَلَىٰ ٱللَّهِ قَصْدُ ٱلسَّبِيلِ } وقوله { وَلَوْ شَآءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ } أي لو تعلقت بإرادته هداية الناس أجمعين لهداهم أجمعين وذلك لكمال قدرته وعلمه، إلا أن حكمته لم تقتض هداية لكل الناس فهدى من رغب في الهداية وأضل من رغب في الضلال. ومن مظاهر ربوبيته الموجبة لألوهيته أي عبادته ما جاء في الآيات التالية [10، 11، 12، 13، 14، 15] إذ قال تعالى: { هُوَ ٱلَّذِي أَنْزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاءِ مَآءً لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ } تشربون منه وتتطهرون، { وَمِنْهُ } أي من الماء الذي أنزل من السماء شجر لأن الشجرة والمراد به هنا سائر النباتات يتوقف وجوده على الماء وقوله { فِيهِ تُسِيمُونَ } أي في ذلك النبات ترعون مواشيكم. يقال سام الماشية أي ساقها إلى المرعى ترعى وسامت الماشية أي رعت بنفسها. وقوله تعالى: { يُنبِتُ لَكُمْ بِهِ } أي بما أنزل من السماء من ماء { ٱلزَّرْعَ وَٱلزَّيْتُونَ وَٱلنَّخِيلَ وَٱلأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ } كالفواكه والخضر على اختلافها إذ كلها متوقفة على الماء. وقوله { إِنَّ فِي ذَلِكَ } أي المذكور من نزول الماء وحصول المنافع الكثيرة به { لآيَةً } أي علامةً واضحةً على وجود الله وقدرته وعلمه وحكمته ورحمته وهي مقتضية لعبادته وترك عبادة غيره. ولكن { لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } فيتعظون. أما أشباه البهائم الذين لا يفكرون في شيء فلا يجدون آية ولا شبه آية في الكون كله وهو يعشيون فيه. وقوله تعالى: { وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلَّيلَ وَٱلْنَّهَارَ } الليل للسكون والراحة، والنهار للعمل ابتغاء الرزق وتسخيرهما كونهما موجودين باستمرار لا يفترقان أبداً إلى أن يأذن الله بانتهائهما وقوله: { وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ } أي سخرهما كذلك للانتفاع بضوء الشمس وحرارتها، وضوء القمر لمعرفة عدد السنين والحساب، وقوله { وَٱلْنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ } كذلك ومن فوائد النجوم الاهتداء بها في ظلمات البر والبحر وكونها زينة وجمالاً للسماء التي هي سقف دارنا هذه.. وقوله { إِنَّ فِي ذَلِكَ } المذكور من تسخير الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم { لآيَاتٍ } عدة يستدل بها على الخالق وعلى وجوب عبادته وعلى توحيده فيها، ولكن { لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } أي الذين يستخدمون طاقة عقولهم في فهم الأشياء وإدراك أسرارها وحقائقها أما أشباه البهائم والمجانين الذين لا يفكرون ولا يتعقلون ولا يعقلون، فليس لهم في الكون كله آية واحدة يستدلون بها على ربهم ورحمته بهم وواجب شكره عليهم وقوله تعالى: { وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ } أي وما خلق لكم في الأرض من إنسان وحيوان ونبات { مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ } وخصائصه وشيانه ومنافعه وآثاره { إِنَّ فِي ذَلِكَ } الخلق العجيب { لآيَةً } أي دلالة واضحة على وجود الخالق عز وجل ووجوب عبادته وترك عبادة غيره ولكن { لِّقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ } فيتعظون فينتبهون إلى ربهم فيعبدونه وحده بامتثال أمره واجتناب نهيه فيكملون على ذلك ويسعدون في الحياتين.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1- كون الخيل والبغال والحمير خلقت للركوب والزينة لا ينفي منفعة أخرى فيها وهي أكل لحوم الخيل لثبوت السنة بإباحة لحوم الخيل، ومنع لحوم البغال والحمير كما في الصحيحين.
2- الإسلام هو السبيل التي بينها الله تعالى فضلاً منه ورحمة وما عداه فهي سبل جائرة عن العدل والحق.
3- فضيلة التفكر والتذكر والتعقل وذم أضدادها لأن الآيات الكونية كالآيات القرآنية إذا لم يتفكر فيها العبد لا يهتدي إلى معرفة الحق المنشود وهو معرفة الله تعالى ليعبده بالذكر والشكر وحده دون سواه.