التفاسير

< >
عرض

وَٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ
٢٠
أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْيَآءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ
٢١
إِلٰهُكُمْ إِلٰهٌ وَاحِدٌ فَٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٌ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ
٢٢
لاَ جَرَمَ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُسْتَكْبِرِينَ
٢٣
وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَّاذَآ أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ
٢٤
لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ ٱلَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَآءَ مَا يَزِرُونَ
٢٥
-النحل

أيسر التفاسير

شرح الكلمات:
وهم يخلقون: أي يصورون من الحجارة وغيرها.
وما يشعرون إيان يبعثون: أي وما تشعر الأصنام ولا تعلم الوقت الذي تبعث فيه وهو يوم القيامة. ولا يبعث فيه عابدوها من دون الله.
قلوبهم منكرة: أي جاحدة للوحدانية والنبوة والبعث والجزاء.
وهو مستكبرون: لظلمة قلوبهم بالكفر يتكبرون.
لا جرم: أي حقاً.
أساطير الأولين: أي أكاذيب الأولين.
ليحملوا أوزارهم: أي ذنوبهم يوم القيامة.
ألا ساء ما يزرون: أي بئس ما يحملون من الأوزار.
معنى الآيات:
في هذا السياق مواجهة صريحة للمشركين بعد تقدم الأدلة على اشراكهم وضلالهم فقوله تعالى: { وَٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } أي تعبدونهم أيها المشركون { أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْيَآءٍ } أي هم أموات إذ لا حياة لهم ودليل ذلك أنهم لا يسمعون ولا يبصرون ولا ينطقون، وقوله { وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ } أي لا يعلمون متى يبعثون كما أنكم أنتم أيها العابدون لهم لا تشعرون متى تبعثون. فكيف تصح عبادتهم وهم أموات ولا يعلمون متى يبعثون للاستنطاق والاستجواب والجزاء على الكسب في هذه الحياة، وقوله { إِلٰهُكُمْ إِلٰهٌ وَاحِدٌ } هذه النتيجة العقلية التي لا ينكرها العقلاء وهي أن المعبود واحد لا شريك له، وهو الله جل جلاله، إذ هو الخالق الرازق المدبر المحي المميت ذو الصفات العلا والأسماء الحسنى، وما عداه فلا يخلق ولا يرزق ولا يُدبِّر ولا يحيي ولا يميت فتأليهه سفه وضلال، وبعد تقرير ألوهية الله تعالى وإثباتها بالمنطق السليم قال تعالى: { فَٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٌ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ } ذكر علة الكفر لدى الكافرين والفساد عند المفسدين وهي تكذيبهم بالبعث الآخر إذ لا يستقيم عبد على منهج الحق والخير وهو لا يؤمن باليوم الآخر يوم الجزاء على العمل في الحياة الدنيا، فأخبر تعالى أن الذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة لكل ما يسمعون من الحق الذي يدعو إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبينه آيات القرأن الكريم، وهم مع إنكار قلوبهم لما يسمعون من الحق مستكبرون عن قبول الحق والإِذعان له، وقوله تعالى: { لاَ جَرَمَ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُسْتَكْبِرِينَ } أي حقاً ان الله يعلم ما يسر أولئك المكذبون بالآخرة وما يعلنون وسيحصى ذلك عليهم ويجزيهم به لا محالة في يوم كانوا به يكذبون.. ويا للحسرة ويا للندامة!! وهذا الجزاء كان بعذاب النار متسبب عن بغض الله للمستكبرين وعدم حبه لهم، وقوله تعالى: { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَّاذَآ أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } يخبر تعالى عن أولئك المنكرة قلوبهم للوحي الإِلهي وما جاء به رسول الله هؤلاء المستكبرون كانوا إذا سئلوا عن القرآن من قبل من يريد أن يعرف ممن سمع بالدعوة المحمدية فجاء من بلاد يتعرف عليها قالوا: { أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } أخبار كاذبة عن الأولين مسطره عند الناس فهو يَحْكَيها ويقول بها، وبذلك يصرفون عن الإِسلام ويصدون عن سبيل الله، قال تعالى: { لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ } أي تبعة آثامهم وتبعة آثام من صدوهم عن سبيل الله كاملة غير منقوصة يوم القيامة، وهم لا يعلمون ذلك ولكن الحقيقة هي: أن من دعا إلى ضلالة كان عليه وزر من عمل بها من غير أن ينقص من أوزار من عملها شيء، وكذا من دعا إلى هدى فله أجر من عمل به من غير أن ينقص من أجر به شيء، وقوله تعالى: { أَلاَ سَآءَ مَا يَزِرُونَ } أي قبُح الوزر الذي يزرونه فإنه قائدهم إلى النار موبقهم في نار جهنم.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1- بطلان الشرك وتقرير التوحيد.
2- التكذيب باليوم الآخر والبعث والجزاء هو سبب كل شر وفساد يأتيه العبد.
3- التنديد بجريمة الاستكبار عن الحق والإِذعان له.
4- بيان إثم وتبعة من يصد عن سبيل الله بصرف الناس عن الإِسلام.
5- بيان تبعة من يدعو إلى ضلالة فإنه يتحمل وزر كل من عمل بها.