التفاسير

< >
عرض

سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِٱلْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ قَلِيلٌ فَلاَ تُمَارِ فِيهِمْ إِلاَّ مِرَآءً ظَاهِراً وَلاَ تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِّنْهُمْ أَحَداً
٢٢
وَلاَ تَقُولَنَّ لِشَاْىءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذٰلِكَ غَداً
٢٣
إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ وَٱذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَىٰ أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لأَقْرَبَ مِنْ هَـٰذَا رَشَداً
٢٤
وَلَبِثُواْ فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِاْئَةٍ سِنِينَ وَٱزْدَادُواْ تِسْعاً
٢٥
قُلِ ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُواْ لَهُ غَيْبُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً
٢٦
-الكهف

أيسر التفاسير

شرح الكلمات:
رجماً بالغيب: أي قذفاً بالظن غير يقين علم.
ما يعلمهم إلا قليل: أي من الناس.
فلا تمار فيهم: لا تجادل في عدتهم.
ولا تستفت فيهم منهم أحداً: أي من أهل الكتاب، الاستفتاء: الاستفهام والسؤال.
إلا أن يشاء الله: أي إلا أن تقول إن شاء الله.
لأقرب من هذا رشداً: هداية وأظهر دلالة على نبوتي من قصة أصحاب الكهف.
له غيب السماوات والأرض: أي علم غيب السماوات والأرض وهو ما غاب فيهما.
أبصر به وأسمع: أي أبصر بالله وأسمع به صيغة تعجب! والأصل ما أبصره وما أسمعه.
ما لهم من دونه من ولي: أي ليس لأهل السماوات والأرض من دون الله أي من ناصر.
ولا يشرك في حكمه أحداً: لأنه غني عما سواه ولا شريك له.
معنى الآيات:
ما زال السياق في الحديث عن أصحاب الكهف يخبر تعالى بأن الخائضين في شأن أصحاب الكهف سيقول بعضهم بأنهم ثلاثة رابعهم كلبهم ويقول بعض آخر هم خمسة سادسهم كلبهم { رَجْماً بِٱلْغَيْبِ } أي قذفاً بالغيب من غير علم يقيني، ويقول بعضهم هم سبعة وثامنهم كلبهم، ثم أمر الله تعالى رسوله أن يقول لأصحابه تلك الأقوال: { رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ قَلِيلٌ } أي ما يعلم عددهم إلا قليل من الناس قال ابن عباس أنا من ذلك القليل فعدتهم سبعة وثامنهم كلبهم ولعله فهم ذلك من سياق الآية إذ ذكر تعالى أن الفريقين الأول والثاني قالوا ما قالوه من باب الرجم بالغيب لا من باب العلم والمعرفة، وسكت عن الفريق الثالث، فدل ذلك على أنهم سبعة وثامنهم كلبهم والله أعلم. وقوله تعالى { فَلاَ تُمَارِ فِيهِمْ إِلاَّ مِرَآءً ظَاهِراً } أي ولا تجادل أهل الكتاب في شأن أصحاب الكهف إلا جدالاً بيناً ليناً بذكرك ما قصصنا عليك دون تكذيب لهم، ولا موافقة لهم. وقوله تعالى { وَلاَ تَسْتَفْتِ فِيهِمْ } أي في أصحاب الكهف { مِّنْهُمْ } أي من أهل الكتاب { أَحَداً } وذلك لأنهم يعلمون عدتهم وإنما يقولون بالخرص والتخمين لا بالعلم واليقين. وقوله تعالى: { وَلاَ تَقُولَنَّ لِشَاْىءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذٰلِكَ غَداً إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ } أي لا تقل يا محمد في شأن تريد فعله مستقبلاً أي سأفعل كذا إلا أن تقول إن شاء الله، وذلك أنه صلى الله عليه وسلم لما سأله وفد قريش بإيعاز من اليهود عن المسائل الثلاث: الروح، وأصحاب الكهف وذي القرنين، قال لسائليه: أجيبكم غداً انتظاراً للوحي ولم يقل إن شاء الله، فأدبه ربه تعالى بانقطاع الوحي عنه نصف شهر، وأنزل هذه السورة وفيها هذا التأديب له صلى الله عليه وقوله: { وَٱذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ } أي إذا نسيت الاستثناء الذي علمناك فاذكره ولو بعد حين لتخرج من الحرج.
أما الكفارة فلازمة إلا أن يكون الاستثناء متصلاً بالكلام وقوله تعالى: { وَقُلْ عَسَىٰ أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لأَقْرَبَ مِنْ هَـٰذَا رَشَداً } أي وقل بعد النسيان والاستثناء المطلوب منك { عَسَىٰ أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لأَقْرَبَ مِنْ هَـٰذَا رَشَداً } أي لعل الله تعالى أن يهديني فيسددني لأَسَدَّ ما وعدتكم أن أخبركم به مما هو أظهر دلالة على نبوتي مما سألتموني عنه اختباراً لي. وقوله تعالى { وَلَبِثُواْ فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِاْئَةٍ سِنِينَ وَٱزْدَادُواْ تِسْعاً } يخبر تعالى أن الفتية لبثوا في كهفهم رقوداً من ساعة دخلوه إلى أن أعثر الله عليهم قومهم ثلاثمائة سنين بالحساب الشمسي وزيادة تسع سنين بالحساب القمري.
وقوله: { قُلِ ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُواْ } رد به على من قال من أهل الكتاب إن الثلاثمائة والتسع سنين هي من ساعة دخولهم الكهف إلى عهد النبي صلى الله عليه وسلم فأبطل الله هذا بتقرير الثلثمائة والتسع أولاً وبقوله { ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُواْ } ثانياً وبقوله: { لَهُ غَيْبُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } أي ما غاب فيهما، ثالثاً، وبقوله: { أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ } أي ما أبصره بخلفه وما أسمعه لأقوالهم حيث لا يخفى عليه شيء من أمورهم وأحوالهم خامساً، وقوله { مَا لَهُم } أي لأهل السماوات والأرض من دونه تعالى { مِن وَلِيٍّ } أيْ ولا ناصر { وَلاَ يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً } لغناه عما سواه ولعدم وجود شريك له بحال من الأحوال.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1- بيان اختلاف أهل الكتاب وعدم ضبطهم للأحداث التاريخية.
2- بيان عدد فتية أصحاب الكهف وأنهم سبعة وثامنهم كلبهم.
3- من الأدب مع الله تعالى أن لا يقول العبد سأفعل كذا مستقبلاً إلا قال بعدها إن شاء الله.
4- من الأدب من نسي الاستثناء أن يستثني ولو بعد حين فإن حلف لا ينفعه الاستثناء إلا إذا كان متصلاً بكلامه.
5- تقرير المدة التي لبثها الفتية في كهفهم وهي ثلاث مائة وتسع سنين بالحساب القمري.