التفاسير

< >
عرض

وَٱذْكُرْ فِي ٱلْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ ٱنتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِياً
١٦
فَٱتَّخَذَتْ مِن دُونِهِم حِجَاباً فَأَرْسَلْنَآ إِلَيْهَآ رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً
١٧
قَالَتْ إِنِّيۤ أَعُوذُ بِٱلرَّحْمَـٰنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً
١٨
قَالَ إِنَّمَآ أَنَاْ رَسُولُ رَبِّكِ لأَهَبَ لَكِ غُلاَماً زَكِيّاً
١٩
قَالَتْ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً
٢٠
قَالَ كَذٰلِكَ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِّلْنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْراً مَّقْضِيّاً
٢١
-مريم

أيسر التفاسير

شرح الكلمات:
واذكر في الكتاب: أي القرآن مريم أي خبرها وقصتها.
مريم: هي بنت عمران والدة عيسى عليه السلام.
إذا انتبذت: أي حين اعتزلت أهلها باتخاذها مكاناً خاصاً تخلو فيه بنفسها.
شرقيا: أي شرق الدار التي بها أهلها.
حجابا: أي ساتراً يسترها عن أهلها وذويها.
روحنا: جبريل عليه السلام.
بشراً سوياً: أي تام الخلق حتى لا تفزع ولا تروع منه.
إن كنت تقياً: أي عاملاً بإيمانك وتقواك لله فابتعد عني ولا تؤذني.
غلاما زكيا: ولداً طاهراً لم يتلوث بذنب قط.
ولم يمسسني بشر: أي لم أتزوج.
ولم أك بغيّاً: أي زانية.
قال كذلك: أي الأمر كذلك وهو خلق غلام منك من غير أب.
هو علي هين: ما هو إلا أن ينفخ رسولنا في كم درعك حتى يكون الولد.
ولنجعله آية للناس: أي عل عظيم قدرتنا.
ورحمة منا: أي وليكون الولد رحمة بمن آمن به واتبع ما جاء به.
أمراً مقضياً: أي حكم الله به وفرغ منه فهو كائن حتماً لا محالة.
معنى الآيات:
هذه بداية قصة مريم عليها السلام إذ قال تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم { وَٱذْكُرْ فِي ٱلْكِتَابِ } أي القرآن الكريم { مَرْيَمَ } أي نبأها وخبرها ليكون ذلك دليلاً على نبوتك وصدقك في رسالتك وقوله { إِذِ ٱنتَبَذَتْ } أي اعتزلت { مِنْ أَهْلِهَا } هذا بداية القصة وقوله { مَكَاناً شَرْقِياً } أي موضعاً شرقي دار قومها وشرق المسجد، ولذا اتخذ النصارى المشرق قبلة لهم في صلاتهم ولا حجة لهم في ذلك إلا الابتداع وإلا فقبلة كل مصلي لله الكعبة بيت الله الحرام قوله تعالى: { فَٱتَّخَذَتْ مِن دُونِهِم } أي من دون أهلها { حِجَاباً } ساتراً لها عن أعينهم، ولما فعلت ذلك أرسل الله تعالى إليها جبريل في صورة بشر سوي الخلقة معتدلها، فدخل عليها فقالت ما قص الله تعالى في كتابه { إِنِّيۤ أَعُوذُ بِٱلرَّحْمَـٰنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً } أي أحتمي بالرحمن الذي يرحم الضعيفات مثلي إن كنت مؤمناً تقياً فاذهب عني ولا تروعني أو تمسني بسوء. فقال لها جبريل عليه السلام ما أخبر تعالى به وهو { قَالَ إِنَّمَآ أَنَاْ رَسُولُ رَبِّكِ لأَهَبَ لَكِ غُلاَماً زَكِيّاً } أي طاهراً لا يتلوث بذنب قط. فأجابت بما أخبر تعالى عنها في قوله: { أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ } أي من أي وجه يأتيني الولد، { وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ } أي وأنا لم أتزوج، { وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً } أي ولم أك زانية، فأجابها جبريل بما أخبر تعالى به في قوله: { قَالَ كَذٰلِكَ } أي الأمر كما قلت ولكن ربك قال: { هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ } أي خلقه بدون أب من نكاح أو سفاح، لأنه هين علينا من جهة، { وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِّلْنَّاسِ } دالة على قدرتنا على خلق آدم بدون أب ولا أم، والبعث الآخر من جهة أخرى، وقوله تعالى { وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْراً مَّقْضِيّاً } أي ولنجعل الغلام المبشر به رحمة منا لكل من آمن به واتبع طريقته في الإِيمان والاستقامة وكان هذا الخلق للغلام وهبته لك أمراً مقضياً أي حكم الله فيه وقضى به فهو كائن لا محالة ونفخ جبريل في جيب قميصها فسرت النفخة في جسمها فحملت به كما سيأتي بيانه في الآيات التالية.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1- بيان شرف مريم وكرامتها على ربها.
2- فضيلة العفة والحياء.
3- كون الملائكة يتشكلون كما أذن الله تعالى لهم.
4- مشروعية التعوذ بالله من كل ما يخاف من إنسان أو جان.
5- التقوى مانعة من فعل الأذى بالناس أو إدخال الضرر عليهم.
6- خلق عيسى آية مبصرة تتجلى فيها قدرة الله تعالى على الخلق بدأ وإعادة.