التفاسير

< >
عرض

فَحَمَلَتْهُ فَٱنْتَبَذَتْ بِهِ مَكَاناً قَصِيّاً
٢٢
فَأَجَآءَهَا ٱلْمَخَاضُ إِلَىٰ جِذْعِ ٱلنَّخْلَةِ قَالَتْ يٰلَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَـٰذَا وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِيّاً
٢٣
فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَآ أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً
٢٤
وَهُزِّىۤ إِلَيْكِ بِجِذْعِ ٱلنَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً
٢٥
فَكُلِي وَٱشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ ٱلبَشَرِ أَحَداً فَقُولِيۤ إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَـٰنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ ٱلْيَوْمَ إِنسِيّاً
٢٦
-مريم

أيسر التفاسير

شرح الكلمات:
فانتبذت به: فاعتزلت به.
مكاناً قصيا: أي بعيداً من أهلها.
فأجاءها المخاض: أي ألجأها الطلق واضطرها وجع الولادة.
إلى جذع النخلة: لتعتمد عليها وهي تعاني من آلام الولادة.
نسياً منسياً: أي شيئاً متروكاً لا يعرف ولا يذكر.
فناداها من تحتها: أي عيسى عليه السلام بعدما وضعته.
تحتك سريا: أي نهراً يقال له سري.
رطبا جنيا: الرطب الجني: ما طاب وصلح للإِجتناء.
فكلي واشربي: أي كل من الرطب واشربي من السري.
وقري عينا: أي وطيبي نفسا وافرحي بولادتك إياي ولا تحزني.
نذرت للرحمن صوماً: أي إمساكاً عن الكلام وصمتاً.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في قصة مريم إنه بعد أن بشرها جبريل بالولد وقال لها وكان أمراً مقضياً ونفخ في كم درْعها أو جيب قميصها فحملته فوراً { فَٱنْتَبَذَتْ بِهِ مَكَاناً قَصِيّاً } أي فاعتزلت به في مكان بعيد { فَأَجَآءَهَا ٱلْمَخَاضُ } أي ألجأها وجع النفاس { إِلَىٰ جِذْعِ ٱلنَّخْلَةِ } لتعتمد عليه وهي تعاني من آلام الطلق وأوجاعه، ولما وضعته قالت متأسفة متحسرة ما أخبر تعالى به: { قَالَتْ يٰلَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَـٰذَا } أي الوقت الذي أصبحت فيه أم ولد، { وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِيّاً } أي شيئاً متروكا لا يذكر ولا يعرف وهنا { فَنَادَاهَا } عيسى عليه السلام { مِن تَحْتِهَآ أَلاَّ تَحْزَنِي } يحملها على الصبر والعزاء وقوله تعالى: { قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً } أي نهر ماء يقال له سري، { وَهُزِّىۤ إِلَيْكِ بِجِذْعِ ٱلنَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً فَكُلِي وَٱشْرَبِي } أي كلي من الرطب واشربي من ماء النهر، { وَقَرِّي عَيْناً } أي طيبي نفساً وافرحي بولدك، { فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ ٱلبَشَرِ أَحَداً } أي فسألك عن حالك أو عن ولدك فلا تكلميه واكتفي بقولك { إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَـٰنِ صَوْماً } أي صمتاً { فَلَنْ أُكَلِّمَ ٱلْيَوْمَ إِنسِيّاً } هذا كله من قول عيسى لها أنطقه الله كرامة لها ليذهب عنها حزنها وألمها النفسي من جراء الولادة وهي بكر لم تتزوج.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1- من مظاهر قدرة الله تعالى حملها ووضعها في خلال ساعة من نهار.
2- إثبات كرامات الله لأوليائه إذ أكرم الله تعالى مريم بنطق عيسى ساعة وضعه فأرشدها وبشرها وأذهب عنها الألم والحزن، وأثمر لها نخلة فأرطبت وأجرى لها النهر بعد يبسه.
3- تقرير نظام الأسباب التي في مكنة الإِنسان القيام بها فإن الله تعالى قد أثمر لمريم النخلة إذ هذا لا يمكنها القيام به ثم أمرها أن تحرك النخلة من جذعها ليتساقط عليها الرطب الجني إذ هذا في استطاعتها.
4- مشروعية النذر إلا أنه بالامتناع عن الكلام منسوخ في الإِسلام.