التفاسير

< >
عرض

وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يٰمُوسَىٰ
١٧
قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَىٰ
١٨
قَالَ أَلْقِهَا يٰمُوسَىٰ
١٩
فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَىٰ
٢٠
قَالَ خُذْهَا وَلاَ تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا ٱلأُولَىٰ
٢١
وَٱضْمُمْ يَدَكَ إِلَىٰ جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَآءَ مِنْ غَيْرِ سُوۤءٍ آيَةً أُخْرَىٰ
٢٢
لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا ٱلْكُبْرَىٰ
٢٣
ٱذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ
٢٤
-طه

أيسر التفاسير

شرح الكلمات:
وما تلك بيمينك يا موسى: الاستفهام للتقرير به ليرتب عليه المعجزة وهي انقلابها حية.
أتوكأ عليها: أي أعتمد عليها.
وأهش بها على غنمي: أخبط بها ورق الشجر فيتساقط فتأكله الغنم.
ولي فيها مآرب أخرى: أي حاجات أخرى كحمل الزاد بتعليقه فيها ثم حمله على عاتقه، وقتل الهوام.
حية تسعى: أي ثعبان عظيم، تمشي على بطنها بسرعة كالثعبان الصغير المسمى بالجان.
سيرتها الأولى: أي إلى حالتها الأولى قبل أن تنقلب حيّة.
إلى جناحك: أي إلى جنبك الأيسر تحت العضد إلى الإِبط.
بيضاء من غير سوء: أي من غير برص تضيء كشعاع الشمس.
إذهب إلى فرعون: أي رسولاً إليه.
إنه طغى: تجاوز الحد في الكفر حتى ادعى الألوهية.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم مع موسى وربه تعالى إذ سأله الرب تعالى وهو أعلم به وبما عنده قائلا: { وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يٰمُوسَىٰ }؟ يسأله ليقرر بأن ما بيده عصا من خشب يابسة، فإذا تحولت إلى حية تسعى علم أنها آية له أعطاه إياها ربه ذو القدرة الباهرة ليرسله إلى فرعون وملائه. وأجاب موسى ربه قائلا: { هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي } يريد يخبّط بها الشجر اليابس فيتساقط الورق فتأكله الغنم { وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ } أي حاجات { أُخْرَىٰ } كحمل الزاد والماء يعلقه بها ويضعه على عاتقه كعادة الرعاة وقد يقتل بها الهوام الضارة كالعقرب والحية. فقال له ربه عز وجل { أَلْقِهَا يٰمُوسَىٰ فَأَلْقَاهَا } من يده { فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَىٰ } أي ثعبان عظيم تمشي على بطنها كالثعبان الصغير المسمى بالجان فخاف موسى منها وولى هارباً فقال له الرب تعالى: { خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى } أي نعيدها عصا كما كانت قبل تحولها إلى حية وفعلاً أخذها فإذا هي عصاه التي كانت بيمينه. ثم أمره تعالى بقوله: { وَٱضْمُمْ يَدَكَ } أي اليمنى { إِلَىٰ جَنَاحِكَ } الأيسر { تَخْرُجْ بَيْضَآءَ مِنْ غَيْرِ سُوۤءٍ } أي برص وفعل فضم تحت عضده إلى إبطه ثم استخرجها فإذا هي تتلألؤ كأنها فلقة قمر، أو كأنها الثلج بياضاً أو أشد، وقوله تعالى { آيَةً أُخْرَىٰ } أي آية لك دالة على رسالتك أخرى إذ الأولى هي انقلاب العصا إلى حية تسعى كأنها جان. وقوله تعالى: { لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا ٱلْكُبْرَىٰ } أي حولنا لك العصا حية وجعلنا يدك تخرج بيضاء من أجل أن نريك من دلائل قدرتنا وعظيم سلطاننا. وقوله تعالى: { ٱذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ } لما اراه من عجائب قدرته أمره أن يذهب إلى فرعون رسولاً إليه يأمره بعبادة الله وحده وأن يرسل معه بني إسرائيل ليخرج بهم إلى أرض المعاد بالشام وقوله { إِنَّهُ طَغَىٰ } أي تجاوز قدره، وتعدى حده كبشر إذ أصبح يدعي الربوبية والألوهية إذ فقال:
{ أَنَاْ رَبُّكُمُ ٱلأَعْلَىٰ } [النازعات: 24] وقال: { مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرِي } [القصص: 38]، فأي طغيان أكبر من هذا الطغيان.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1- تقرير نبوة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم إذ مثل هذه الأخبار لا تصح إلا ممن يوحى إليه.
2- استحباب تناول الأشياء غير المستقذرة باليمين.
3- مشروعية حمل العصا.
4- سنة رعي الغنم للأنبياء.
5- مشروعية التدريب على السلاح قبل استعماله في المعارك.
6- آية موسى في انقلاب العصا حية وخروج اليد البيضاء كأنها الثلج أو شعاع شمس.
7- بيان الطغيان: وهو ادعاء العبد ما ليس له كالألوهية ونحوها.