التفاسير

< >
عرض

يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِن تُطِيعُواْ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَرُدُّوكُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُواْ خَاسِرِينَ
١٤٩
بَلِ ٱللَّهُ مَوْلاَكُمْ وَهُوَ خَيْرُ ٱلنَّاصِرِينَ
١٥٠
سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعْبَ بِمَآ أَشْرَكُواْ بِٱللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَمَأْوَاهُمُ ٱلنَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَىٰ ٱلظَّالِمِينَ
١٥١
-آل عمران

أيسر التفاسير

شرح الكلمات:
إن تطيعوا الذين كفروا: المراد من طاعة الكافرين قبول قولهم والأخذ بإرشاداتهم.
يردوكم على أعقابكم: يرجعوكم إلى الكفر بعد الإِيمان.
خاسرين: فاقدين لكل خير في الدنيا، ولأنفسكم وأهليكم يوم القيامة.
بل الله مولاكم: بل أطيعوا الله ربكم ووليكم ومولاكم فإنه خير من يطاع وأحق من يطاع.
الرّعب: شدة الخوف من توقع الهزيمة والمكروه.
مأواهم: مقر إيوائهم ونزولهم.
مثوى: المثوى مكان الثوى وهو الإِقامة والاستقرار.
الظالمين: المشركين الذين أطاعوا غير الله تعالى وعبدوا سواه.
معنى الآيات:
ما زال السياق في أحداث غزوة أحد فقد روى أن بعض المنافقين لما رأى هزيمة المؤمنين في أحد قال في المؤمنين ارجعوا إلى دينكم وإخوانكم ولو كان محمد نبياً لما قتل إلى آخر ما من شأنه أن يقال في تلك الساعة الصعبة من الإقتراحات التي قد كشف عنها هذا النداء الإِلهي للمؤمنين وهو يحذرهم من طاعة الكافرين بقوله عز وجل { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِن تُطِيعُواْ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَرُدُّوكُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُواْ خَاسِرِينَ } فلا شك أن الكافرين قد طالبوا المؤمنين بطاعتهم بتنفيذ بعض الإقتراحات التي ظاهرها النصح وباطنها الغش والخديعة، فنهاهم الله تعالى عن طاعتهم في ذلك وهذا النهي وإن نزل في حالة خاصة فإنه عام في المسلمين على مدى الحياة فلا يحل طاعة الكافرين من أهل الكتاب وغيرهم وفي كل ما يأمرون به أو يقترحونه، ومن أطاعهم ردّوه عن دينه إلى دينهم فينقلب: يرجع خاسراً في دنياه وآخرته، والعياذ بالله هذا ما تضمنته الآية الأولى [149] وأما الآية الثانية [150] فقد تضمنت الأمر بطاعته تعالى، إذ هو أولى بذلك لأنه ربهم ووليهم ومولاهم فهو أحق بطاعتهم من الكافرين فقال تعالى: { بَلِ ٱللَّهُ مَوْلاَكُمْ } فأطيعوه، ولا تطيعوا أعداءه وإن أردتم أن تطلبوا النصر بطاعة الكافرين فإن الله تعالى خير الناصرين فاطلبوا النصر منه بطاعته فإنه ينصركم وفي الآية الثالثة [151] لما امتثل المؤمنون أمر ربهم فلم يطيعوا الكافرين وعدهم ربهم سبحانه وتعالى بأنه سيلقي في قلوب الكافرين الرعب وهو الخوف والفزع والهلع حتى تتمكنوا من قتالهم والتغلب عليهم وذلك هو النصر المنشود منكم، وعلل تعالى فعله ذلك بالكافرين بأنهم اشركوا به تعالى آلهة عبدوها معه لم ينزل بعبادتها حجة ولا سلطاناً وقال تعالى: { سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعْبَ بِمَآ أَشْرَكُواْ بِٱللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً } وأخيراً مأواهم النار أي محل إقامتهم النار، وذم تعالى الإِقامة في النار فقال ومأواهم النار وبئس مثوى الظالمين، يريد النار بئس المقام للظالمين وهم المشركون.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1- تحرم طاعة الكافرين في حال الإختيار.
2- بيان السر في تحريم طاعة الكافرين وهو أنه يترتب عليها الردة والعياذ بالله.
3- بيان قاعدة من طلب النصر من غير الله أذلة الله.
4- وعد الله المؤمنين بنصرهم بعد إلقاء الرعب في قلوب أعدائهم، إذ هم أبو سفيان بالعودة إلى المدينة بعد إنصرافه من أحد ليقضيَ عمن بقي في المدينة من الرجال كذا سولت له نفسه، ثم ألقى الله تعالى في قلبه الرعب فعدل عن الموضوع بتدبير الله تعالى.
5- بطلان كل دعوى ما لم يكن لأصحابها حجة وهي المعبر عنها بالسلطان في الآية إذ الحجة يثبت بها الحق ويناله صاحبه بواسطتها.