التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا مَسَّ ٱلنَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْاْ رَبَّهُمْ مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَآ أَذَاقَهُمْ مِّنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ
٣٣
لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ
٣٤
أَمْ أَنزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُواْ بِهِ يُشْرِكُونَ
٣٥
وَإِذَآ أَذَقْنَا ٱلنَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُواْ بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ
٣٦
أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
٣٧
-الروم

أيسر التفاسير

شرح الكلمات:
وإذا مس الناس ضر: أي إذا مس المشركين ضرٌ أي شدة من مرض أو فقر أو قحط.
منيبين إِليه: أي راجعين بالضراعة والدعاء إليه تعالى دون غيره.
رحمة: بِكَشْفِ ضُر أو إنزال غيث وإصابة رخاء وسعة رزق.
يشركون: أي بربهم فيعبدون معه غيره بالذبح للآلهة والنذر وغيره.
ليكفروا بما آتيناهم: أي ليكون شكرهم لله كفرا بنعمه والعياذ بالله.
أم أنزلنا عليهم سلطانا: أي حجة من كتاب وغيره ينطق بشركهم ويقرره لهم ويأمرهم به.
بما قدمت أيديهم: أي بذنوبهم وخروجهم عن سنن الله تعالى في نظام الحياة.
إذا هم يقنطون: أي ييأسون من الفرج بزوال الشدة.
يبسط الرزق لمن يشاء: أي يوسعه امتحاناً له.
ويقدر: أي يضيّق الرزق على من يشاء ابتلاء.
معنى الآيات:
لما أمر تعالى رسوله والمؤمنين بإِقامة الدين ونهاهم أن يكونوا من المشركين الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا أخبر تعالى عن المشركين أنهم إذا مسهم الضرّ وهو المرض والشدة كالقحط والغلاء ونحوها دعوا ربهم تعالى منيبين إليه أي راجعين إليه بالدعاء والضراعة لا يدعون غيره. وهو قوله تعالى { وَإِذَا مَسَّ ٱلنَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْاْ رَبَّهُمْ مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ } وقوله: { ثُمَّ إِذَآ أَذَاقَهُمْ مِّنْهُ رَحْمَةً } أصابهم برحمة من عنده وهي الصحة والرخاء والخصب ونحوه { إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ } أي كثيرٌ { بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ } فيعبدون الأصنام والأوثان بأنواع العبادات، وقوله { لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ } أي أشركوا بالله بعد إنعامه عليهم ليكفروا بما آتاهم من نعمة كشف الضر عنهم إذاً { فَتَمَتَّعُواْ } أيها الكافرون بما خولكم الله من نعمة فسوف تعلمون عاقبة كفرهم لنعم الله وشرككم به يوم تردون عليه حفاة عراة لا وليَّ لكم من دونه تعالى ولا نصير.
وقوله تعالى: { أَمْ أَنزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُواْ بِهِ يُشْرِكُونَ } أي ما الذي شجعهم على الشرك وجعلهم يصرون عليه حتى إذا تركوه ساعة الشدة عادوا إليه ساعة الرخاء أأنزلنا عليهم سلطاناً أي حجة من كتاب ونحوه فهو ينطق بشركهم ويقرره لهم ويأمرهم به اللهم لا، لا، وإنما هو الجهل والتقليد والعناد وقوله { وَإِذَآ أَذَقْنَا ٱلنَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُواْ بِهَا } هذه حال أهل الشرك والكفر والجهل من الناس إذا أذاقهم الله رحمة من خصب ورخاء وصحة فرحوا بها فرح البطر والأشر { وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ } من جدب وقحط ومرض وفقر، { بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ } من الذنوب والمعاصي ومنها مخالفة سنن الله في الكون { إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ } أي ييأسون من الفرج وذلك لكفرهم بالله وجهلهم بأسمائه وصفاته.
وقوله تعالى { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ } أي ألم يروا بأعينهم أن الله يبسط الرزق أي يوسعه لمن يشاء امتحاناً له أيشكر أم يكفر، { وَيَقْدِرُ } أي يضيق الرزق على من يشاء ابتلاء أيصبر أم يضجر ويسخط. إذ لو كانت لهم عيون يبصرون بها وقلوب يفقهون بها لما أيسوا من رحمة الله وفرَجِهِ ولا ما قنطوا. وقوله تعالى { إِنَّ فِي ذَلِكَ } أي المذكور من تدبير الله في خلقه بالإِعطاء والمنع { لآيَاتٍ } أي حججا ودلائل تدل المؤمنين على قدرة الله ولطفه ورحمته وحكمته في تدبير ملكه وملكوته فسبحانه من إله عظيم ورب غفور رحيم.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
1) بيان جهل المشركين وضلال عقولهم بما ذكر تعالى من صفاتهم وأحوالهم.
2) بيان تهديد الله تعالى للمصرين على الشرك والكفر بعذاب يوم القيامة.
3) بيان حال أهل الشرك والكفر والجهل في فرحهم بالنعمة فرح البطر والأشر ويأسهم وقنوطهم عند نزول البلاء بهم والشدة.
4) مظهر حكمة الله وتدبيره في الرزق توسعة وتقديرا وإدراك ذلك خاص بالمؤمنين لأنهم أحياء يبصرون ويفهمون بخلاف الكافرين فهم أموات لا إبصار ولا إدراك لهم.