التفاسير

< >
عرض

وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى ٱللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ ٱسْتَمْسَكَ بِٱلْعُرْوَةِ ٱلْوُثْقَىٰ وَإِلَىٰ ٱللَّهِ عَاقِبَةُ ٱلأَمُورِ
٢٢
وَمَن كَفَرَ فَلاَ يَحْزُنكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ
٢٣
نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَىٰ عَذَابٍ غَلِيظٍ
٢٤
وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ قُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ
٢٥
لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَنِيُّ ٱلْحَمِيدُ
٢٦
-لقمان

أيسر التفاسير

شرح الكلمات:
ومن يسلم وجهه إلى الله: أي أقبل على طاعته مخلصاً له العبادة لا يلتفت إلى غيره من سائر خلقه.
وهو محسن: أي والحال أنه محسن في طاعته إخلاصاً واتباعاً.
فقد استمسك بالعروة الوثقى: أي تعلّق بأوثق ما يتعلق به فلا يخاف انقطاعه بحال.
وإلى الله عاقبة الأمور: أي مرجع كل الأمور إلى الله سبحانه وتعالى.
نمتعهم قليلاً: أي متاعاً في هذه الدنيا قليلا إي إلى نهاية آجالهم.
ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ: أي ثم نُلجئهم في الآخرة إلى عذاب النار والغليظ: الثقيل.
قل الحمد لله: أي إحمد الله على ظهور الحجة بأن تقول الحمد لله.
لا يعلمون: أي من يستحق الحمد والشكر ومن لا يستحق لجهلهم.
معنى الآيات
بعد إقامة الحجة على المشركين في عبادتهم غير الله وتقليدهم لآبائهم في الشرك والشر والفساد قال تعالى مرغباً في النجاة داعياً إلى الإِصلاح: { وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى ٱللَّهِ } أي يقبل بوجهه وقلبه على ربه يعبده مُتذللاً له خاضعاً لأمره ونهيه. { وَهُوَ مُحْسِنٌ } أي والحال أنه محسن في عبادته إخلاصا فيها لله، واتباعا في أدائها لرسول الله { فَقَدِ ٱسْتَمْسَكَ بِٱلْعُرْوَةِ ٱلْوُثْقَىٰ } أي قد أخذ بالطرف الأوثق فلا يخاف انقطاعاً أبداً وقوله تعالى: { وَإِلَىٰ ٱللَّهِ عَاقِبَةُ ٱلأَمُورِ } يخبر تعالى أن مَردَّ الأمور كلها لله تعالى يقضي فيها بما يشاء فليفوِّض العبد أموره كلها لله إذ هي عائدة إليه فيتخذ بذلك له يداً عند ربه، وقوله لرسوله: { وَمَن كَفَرَ فَلاَ يَحْزُنكَ كُفْرُهُ } أي أسلم وجهك لربك وفوض أمرك إليه متوكلا عليه ومن كفر من الناس فلا يحزنك كفره أي فلا تكترث به ولا تحزن عليه { إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ } أي فإِن مردهم إلينا بعد موتهم ونشورهم { فَنُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوۤاْ } في هذا الدار من سوء وشر ونجزيهم به. { إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } أي بما تكنه وتخفيه من اعتقادات ونيّات وبذلك يكون الحساب دقيقاً والجزاء عاجلاً. وقوله تعالى: { نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً } أي نمهل هؤلاء المشركين فلا نعاجلهم بالعقوبة فيتمتعون مدة آجالهم وهو متاع قليل { ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ } بعد موتهم ونشرهم { إِلَىٰ عَذَابٍ غَلِيظٍ } أي نلجئهم إلجاءً إلى عذاب غليظ ثقيل لا يحتمل ولا يطاق وهو عذاب النار. نعوذ بالله منها ومن كل عمل يؤدي إليها وقوله تعالى في الآية [25] { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ } أي ولئن سألت يا رسولنا هؤلاء المشركين قائلا لهم: من خلق السماوات والأرض لبادروك بالجواب قائلين الله إذاً قل الحمد لله على إقامة الحجة عليكم باعترافكم، وما دام الله هو الخالق الرازق كيف يعبد غيره أو يعبد معه سواه أين عقول القوم؟ وقوله { بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } أي لا يعلمون موجب الحمد ولا مقتضاه، ولا من يستحق الحمد ومن لا يستحقه لأنهم جهلة لا يعلمون شيئاً. وقوله تعالى: { لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } أي خلقا وملكا وعبيدا ولذا فهو غني عن المشركين وعبادتهم فلا تحزن عليهم ولا تبال بهم عبدوا أو لم يعبدوا { إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَنِيُّ } عن كل ما سواه { ٱلْحَمِيدُ } أي المحمود بعظيم فعله وجميل صنعه.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
1) بيان نجاة أهل لا إله إلا الله وهم الذين عبدوا الله وحده بما شرع لهم على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم.
2) تقرير عقيدة البعث والجزاء.
3) بيان أن المشركين من العرب موحدون في الربوبيّة مشركون في العبادة كما هي حال كثير من الناس اليوم يعتقدون أن الله ربّ كل شيء ولا ربَّ سواه ويذبحون وينذرون ويحلفون بغيره، ويخافون غيره ويرهبون سواه. والعياذ بالله.